وَعَنِ الْحَسَنِ قَالَ: "وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ" إِذَا ذُكِرْتُ، ذُكِرْتَ [مَعِي] (١) وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ وَالتَّشَهُّدَ وَالْخُطْبَةَ عَلَى الْمَنَابِرِ، وَلَوْ أَنَّ عَبْدًا عَبَدَ اللَّهَ وَصَدَّقَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَلَمْ يَشْهَدْ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْءٍ، وَكَانَ كَافِرًا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: رَفَعَ اللَّهُ ذِكْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَلَيْسَ خَطِيبٌ وَلَا مُتَشَهِّدٌ وَلَا صَاحِبُ صَلَاةٍ إِلَّا يُنَادِي: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ (٢).
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ [إِلَّا بِهِ] (٣) وَلَا تَجُوزُ خُطْبَةٌ إِلَّا بِهِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: [وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ] (٤) يَعْنِي بِالتَّأْذِينِ.
وَفِيهِ يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ عَبْدَهُ | بِبُرْهَانِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَمْجَدُ |
أَغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ | مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلوُحُ وَيَشْهَدُ |
وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ | فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ (٥). |
ثُمَّ وَعَدَهُ الْيُسْرَ وَالرَّخَاءَ بَعْدَ الشِّدَّةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بِمَكَّةَ فِي شِدَّةٍ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٦) ﴾
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ أَيْ مَعَ الشِّدَّةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا مِنْ جهاد المشركين يسرًا وَرَخَاءٌ بِأَنْ يُظْهِرَكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى يَنْقَادُوا لِلْحَقِّ الَّذِي جِئْتَهُمْ بِهِ، "إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" كَرَّرَهُ لِتَأْكِيدِ الْوَعْدِ وَتَعْظِيمِ الرَّجَاءِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَبْشِرُوا، قَدْ جَاءَكُمُ الْيُسْرُ، لَنْ يَغْلِبَ
(٢) أخرجه الطبري ٣٠ / ٢٣٥. وزاد السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٥٤٨ - ٥٤٩ عزوه لعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل.
(٣) ساقط من "أ".
(٤) ساقط من "ب".
(٥) انظر: ديوان حسان - رضي الله عنه - ص (٤٧) طبع بيروت.