سُورَةُ الْبَيِّنَةِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (١) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (٢) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (٣) ﴾
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ وَهْمُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، ﴿وَالْمُشْرِكِينَ﴾ وَهُمْ عَبَدَةُ الْأَوْثَانِ، ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ [مُنْتَهِينَ عَنْ كُفْرِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، وَقَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ] :(٢) زَائِلِينَ مُنْفَصِلِينَ، يُقَالُ: فَكَكْتُ الشَّيْءَ فَانْفَكَّ، أَيِ: انْفَصَلَ، ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ لَفْظُهُ مُسْتَقْبَلٌ وَمَعْنَاهُ الْمَاضِي، أَيْ: حَتَّى أَتَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ، يَعْنِي: مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَاهُمْ بِالْقُرْآنِ فَبَيَّنَ لَهُمْ [ضَلَالَاتِهِمْ] (٣) وَجَهَالَتَهُمْ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ. فَهَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ آمَنَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ، أَخْبَرَ أَنَّهُمْ لَمْ يَنْتَهُوا عَنِ الْكُفْرِ حَتَّى أَتَاهُمُ الرَّسُولُ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْإِيمَانِ فَآمَنُوا فَأَنْقَذَهُمُ اللَّهُ مِنَ الْجَهْلِ وَالضَّلَالَةِ. ثُمَّ فَسَّرَ الْبَيِّنَةَ فَقَالَ: ﴿رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو﴾ يَقْرَأُ ﴿صُحُفًا﴾ كُتُبًا، يُرِيدُ مَا يَتَضَمَّنُهُ الصُّحُفُ مِنَ الْمَكْتُوبِ فِيهَا، وَهُوَ الْقُرْآنُ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَتْلُو عَنْ ظَهْرِ قَلْبِهِ لَا عَنِ [الْكِتَابِ] (٤)، قَوْلُهُ: ﴿مُطَهَّرَةً﴾ مِنَ الْبَاطِلِ وَالْكَذِبِ وَالزُّورِ. ﴿فِيهَا﴾ أَيْ فِي الصُّحُفِ، ﴿كُتُبٌ﴾ يَعْنِي الْآيَاتِ وَالْأَحْكَامِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا، ﴿قَيِّمَةٌ﴾ عَادِلَةٌ مُسْتَقِيمَةٌ غَيْرُ ذَاتِ عِوَجٍ.
﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (٤) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (٥) ﴾
ثُمَّ ذَكَرَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ فَقَالَ:
(٢) ما بين القوسين ساقط من "ب".
(٣) في "ب" ضلالتهم.
(٤) في "ب" كتاب.