سُورَةُ النَّصْرِ مَكِّيَّةٌ (١) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) ﴾
﴿إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ أَرَادَ فَتْحَ مَكَّةَ.
وَكَانَتْ قِصَّتُهُ -عَلَى مَا ذَكَرَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَأَصْحَابُ الْأَخْبَارِ -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا صَالَحَ قُرَيْشًا عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَاصْطَلَحُوا عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ بَيْنَ النَّاسِ عَشْرَ سِنِينَ، يَأْمَنُ فِيهِنَّ النَّاسُ، وَيَكُفُّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ دَخَلَ فِيهِ، فَدَخَلَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ، وَدَخَلَتْ خُزَاعَةُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا شَرٌّ قَدِيمٌ.
ثُمَّ إِنَّ بَنِي بَكْرٍ عَدَتْ عَلَى خُزَاعَةَ، وَهُمْ عَلَى مَاءٍ لَهُمْ بِأَسْفَلِ مَكَّةَ، يُقَالُ لَهُ "الوَتِيرُ"، فَخَرَجَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدُّؤَلِيُّ فِي بَنِي الدُّئَلِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ حَتَّى بَيَّتَ خُزَاعَةَ، وَلَيْسَ كُلُّ بَكْرٍ تَابَعَهُ، فَأَصَابُوا مِنْهُمْ رَجُلًا وَتَحَارَبُوا وَاقْتَتَلُوا، وَرَفَدَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ بِالسِّلَاحِ، وَقَاتَلَ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْ قَاتَلَ مُسْتَخْفِيًا بِاللَّيْلِ، حَتَّى حازوا خزاعة إلىالحرم، وَكَانَ مِمَّنْ أَعَانَ بَنِي بَكْرٍ مِنْ قُرَيْشٍ عَلَى خُزَاعَةَ لَيْلَتَئِذٍ بِأَنْفُسِهِمْ مُتَنَكِّرِينَ: صَفْوَانُ بْنُ أُمَيَّةَ، وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، مَعَ عَبِيدِهِمْ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْحَرَمِ قَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: يَا نَوْفَلُ إِنَّا دَخَلْنَا الْحَرَمَ، إِلَهَكَ إِلَهَكَ، فَقَالَ كَلِمَةً عَظِيمَةً: إِنَّهُ لَا إِلَهَ لِيَ الْيَوْمَ، [يَا بَنِي بَكْرٍ] (٢) أَصِيبُوا ثَأْرَكُمْ فِيهِ.

(١) أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أنزل بالمدينة (إذا جاء نصر الله والفتح). وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال أنزل (إذا جاء نصر الله) بالمدينة. وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) كلها بالمدينة بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين ينعى إليه نفسه. انظر: الدر المنثور: ٨ / ٦٥٨.
(٢) من سيرة هشام لتمام المعنى.


الصفحة التالية
Icon