وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ عَهِدَ إِلَى أُمَرَائِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حِينَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ أَنْ لَا يُقَاتِلُوا أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَاتَلَهُمْ، إِلَّا [أَنَّهُ قَدْ عَهِدَ] (١) فِي نَفَرٍ سَمَّاهُمْ أَمَرَ بِقَتْلِهِمْ، وَإِنْ وُجِدُوا تَحْتَ أَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ أَسْلَمَ فَارْتَدَّ مُشْرِكًا، فَفَرَّ إِلَى عُثْمَانَ، وَكَانَ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَغَيَّبَهُ حَتَّى أَتَى بِهِ [رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنِ اطْمَأَنَّ أَهْلُ مَكَّةَ، فَاسْتَأْمَنَ لَهُ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، كَانَ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمِ بْنِ غَالِبٍ] (٢)، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ لِأَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا فَبَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصَدِّقًا، وَكَانَ لَهُ مَوْلًى يَخْدِمُهُ وَكَانَ مُسْلِمًا، فَنَزَلَ مَنْزِلًا وَأَمَرَ الْمَوْلَى أَنْ يَذْبَحَ لَهُ تَيْسًا وَيَصْنَعَ لَهُ طَعَامًا وَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَلَمْ يَصْنَعْ لَهُ شَيْئًا فَعَدَا عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ مُشْرِكًا، وَكَانَتْ لَهُ قَيْنَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِهِجَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِمَا مَعَهُ.
وَالْحُوَيْرثُ، بْنُ [نُقَيْذِ] (٣) بْنِ وَهْبٍ، كَانَ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ.
ومِقْيَسُ بْنُ صَبَابَةَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِقَتْلِهِ، لِقَتْلِهِ الْأَنْصَارِيَّ الَّذِي قتل أخاه خطأ وَرُجُوعِهِ إِلَى قُرَيْشٍ مُرْتَدًّا.
وَسَارَّةُ؛ مَوْلَاةٌ كَانَتْ لِبَعْضِ بَنِي الْمُطَّلِبِ كَانَتْ مِمَّنْ يُؤْذِيهِ بِمَكَّةَ.
وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، فَأَمَّا عِكْرِمَةُ فَهَرَبَ إِلَى الْيَمَنِ، وَأَسْلَمَتِ امْرَأَتُهُ أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، فَاسْتَأْمَنَتْ لَهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّنَهُ، فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِهِ حَتَّى أَتَتْ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ.
وَأُمًّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، فَقَتَلَهُ سَعْدُ بْنُ حُرَيْثٍ الْمَخْزُومِيُّ وَأَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ، اشْتَرَكَا فِي دَمِهِ، وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صَبَابَةَ، فَقَتَلَهُ تُمَيْلَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، وَأَمَّا قَيْنَتَا ابْنِ خَطَلٍ؛ فَقُتِلَتْ إِحْدَاهُمَا وَهَرَبَتِ الْأُخْرَى حَتَّى اُسْتُؤْمِنَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّنَهَا، وَأَمَّا سَارَّةُ فَتَغَيَّبَتْ حَتَّى اُسْتُؤْمِنَ لَهَا فَأَمَّنَهَا، فَعَاشَتْ حَتَّى أَوَطَأَهَا رَجُلٌ مِنَ النَّاسِ فَرَسًا لَهُ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِالْأَبْطَحِ فَقَتَلَهَا، وَأَمَّا الْحُوَيْرِثُ بْنُ نُقَيْذٍ، فَقَتَلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.
فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ وَقَفَ قَائِمًا عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ وَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ، أَلَا إِنَّ كُلَّ مَأْثَرَةٍ أَوْ دَمٍ أَوْ مَالٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ

(١) استدركناها من سيرة ابن هشام.
(٢) ما بين القوسين ساقط من "أ".
(٣) في "ب" نفير.


الصفحة التالية
Icon