نُقَاعَةُ الْحِنَّاءِ، وَلَكَأَنَّ نَخْلُهَا رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَّا أَخْرَجْتَهُ؟ قَالَ: "أَمَّا أَنَا فَقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُثِيرَ عَلَى النَّاسِ بِهِ شَرًّا" (١).
وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ تَحْتَ صَخْرَةٍ فِي الْبِئْرِ، فَرَفَعُوا الصَّخْرَةَ وَأَخْرَجُوا جُفَّ الطَّلْعَةِ، فَإِذَا فِيهِ مُشَاطَةُ رَأْسِهِ، وَأَسْنَانُ مُشْطِهِ (٢)
أَخْبَرَنَا الْمُطَهَّرُ بْنُ عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الصَّالِحَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو الشَّيْخِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ: سَحَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ، قَالَ: فَاشْتَكَى لِذَلِكَ أَيَّامًا، قَالَ: فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ، فَقَالَ: إِنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ سَحَرَكَ وَعَقَدَ لَكَ عُقَدًا (٣)، فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا فَاسْتَخْرَجَهَا فَجَاءَ بِهَا، فَجَعَلَ كُلَّمَا حَلَّ عُقْدَةً وَجَدَ لِذَلِكَ خِفَّةً، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ لِلْيَهُودِ وَلَا رَأَوْهُ فِي وَجْهِهِ قَطُّ (٤).
قَالَ مُقَاتِلٌ وَالْكَلْبِيُّ: كَانَ فِي وَتَرٍ عُقِدَ عَلَيْهِ إِحْدَى عَشْرَةَ عُقْدَةً. وَقِيلَ: كَانَتِ الْعُقَدُ، مَغْرُوزَةٌ بِالْإِبْرَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ وَهُمَا إِحْدَى عَشْرَةَ آيَةً؛ سُورَةُ الْفَلَقِ خَمْسُ آيَاتٍ، وَسُورَةُ النَّاسِ سِتُّ آيَاتٍ، كُلَّمَا قُرِئَتْ آيَةٌ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، حَتَّى انْحَلَّتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا، فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّمَا نَشِطَ مِنْ عِقَالٍ (٥).
وَرُوِيَ: أَنَّهُ لَبِثَ فِيهِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَنَزَلَتِ الْمُعَوِّذَتَانِ.
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْغَافِرِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الْجُلُودِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا [عَبْدُ الْوَارِثِ] (٦) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: "بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيكَ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ وَاللَّهُ يَشْفِيكَ" (٧).
(٢) عزاه صاحب الدر المنثور: ٨ / ٦٨٧ لابن مردويه والبيهقي في الدلائل.
(٣) زاد الإمام أحمد: في بئر كذا وكذا، فأرسل إليها من يجيء بها.
(٤) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ٧ / ٣٠ (القسم الثاني)، والإمام أحمد في المسند: ٤ / ٣٦٧.
(٥) ذكره السيوطي في الدر المنثور: ٨ / ٦٨٧.
(٦) هو عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري.
(٧) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب الطب والمرض والرقى، برقم (٢١٨٦) : ٤ / ١٧١٨ ما عدا الجملة الأخيرة (والله يشفيك) وهي من نسخة "أ" فقط.