وَرَوَى مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: "وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ" يَعْنِي: أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَتَلَ أَبَاهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْجَرَّاحِ يَوْمَ أُحُدٍ "أَوْ أَبْنَاءَهُمْ" يَعْنِي أَبَا بَكْرٍ دَعَا ابْنَهُ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى الْبِرَازِ وَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ دَعْنِي أَكُنْ فِي الرِّحْلَةِ الْأُولَى، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَتِّعْنَا بِنَفْسِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ "أَوْ إِخْوَانَهُمْ" يَعْنِي: مُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ قَتَلَ أَخَاهُ عَبِيدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَوْمَ أُحُدٍ "أَوْ عَشِيرَتَهُمْ" يَعْنِي عُمَرَ قَتَلَ خَالَهُ الْعَاصَ بْنَ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَعَلِيًّا وَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ قتلوا يوم بدرعتبة وَشَيْبَةَ ابْنَيْ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ (١)
﴿أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ﴾ أَثْبَتَ التَّصْدِيقَ فِي قُلُوبِهِمْ فَهِيَ مُوقِنَةٌ مُخْلِصَةٌ، وَقِيلَ: حَكَمَ لَهُمْ بِالْإِيمَانِ فَذَكَرَ الْقُلُوبَ لِأَنَّهَا مَوْضِعَهُ ﴿وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ﴾ قَوَّاهُمْ بِنَصْرٍ مِنْهُ. قَالَ الْحَسَنُ: سَمَّى نَصْرَهُ إِيَّاهُمْ رُوحًا لِأَنَّ أَمْرَهُمْ يَحْيَا بِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي بِالْإِيمَانِ. وَقَالَ الرَّبِيعُ: يَعْنِي بِالْقُرْآنِ وَحُجَّتِهِ، كَمَا قَالَ: "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا" (الشُّورَى -٥٢) وَقِيلَ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ. وَقِيلَ أَمَدَّهُمْ بِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. ﴿وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾

(١) انظر: الواحدي في أسباب النزول صفحة (٤٧٨)، القرطبي: ١٧ / ٣٠٧، ابن كثير: ٤ / ٣٣٠.


الصفحة التالية
Icon