وهي متضمنة الأذن لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين بقتال من يقاتلهم والكف عمن يكف عنهم، وقال تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ أي: في سبيل إعلاء كلمة الله ليعبد وحده. ﴿الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ﴾، واقتلوهم حيث تمكنتم منه، وأخرجوهم من ديارهم كما أخرجوكم أيها المهاجرون من دياركم، ولا تتحرجوا من القتل، فإن فتنتهم للمؤمنين لحملهم على الكفر بالاضطهاد والتعذيب أشد من القتل: ﴿وَلا تُقَاتِلُوهُمْ١ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ﴾ فلا تكونوا البادئين فإن قاتلوكم فاقتلوهم. كذلك القتل والإخراج الواقع منكم لهم يكون جزاء كل كافر يعتدي ويظلم. فإن انتهوا عن الشرك والكفر وأسلموا فإن الله يغفر لهم ويرحمهم؛ لأن الله تعالى غفور رحيم.
أما الآية الرابعة (١٩٣) وهي قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ فهي مقررة لحكم سابقاتها، إذ فيها الأمر بقتال المشركين الذين قاتلوهم قتالاً يستمر حتى لا يبقى في مكة من يضطهد في دينه ويفتن فيه ويكون الدين كله لله فلا يعبد غيره، وقوله فإن انتهوا من الشرك بأن اسلموا ووحدوا فكفوا عنهم ولا تقاتلوهم، إذ لا عدوان٢ إلا على الظالمين وهم بعد إسلامهم ما أصبحوا ظالمين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب قتال من يقاتل المسلمين، والكف عمن يكف عن قتالهم، وهذا قبل نسخ هذه الآية.
٢- حرمة الاعتداء في القتال بقتل الأطفال والشيوخ والنساء إلا أن يقاتلن.
٣- حرمة القتال عند المسجد الحرام، أي مكة والحرم إلا أن يبدأ العدو بالقتال فيه فيقاتل.
٤- الإسلام يجب ما قبله لقوله تعالى: ﴿فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾.
٥- وجوب الجهاد وهو فرض كفاية ما وجد مؤمن يضطهد لإسلامه أو يفتن في دينه.
٢ قتال من قاتل المسلمين لا يسمى عدواناً إلا من باب المشاكلة نحو: ﴿وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا﴾، إذ الأولى حقاً سيئة، أما الثانية فإنها قصاص عادل وسميت سيئة مشاكلة في اللفظ.