تعالى: ﴿يُؤْتِي﴾ أي: هو تعالى: ﴿الْحِكْمَةَ مَنْ١ يَشَاءُ﴾ من طلبها وتعرض لها راغباً فيها سائلاً الله تعالى أن يعلمه، وأخبر أخيراً أن من يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً٢ فليطلب العاقل الحكمة قبل طلب الدنيا هذه تذكرة ﴿وَمَا يَذَّكَّرُ إِلا أُولُو الأَلْبَابِ﴾.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب الزكاة في المال الصامت من ذهب وفضة وما يقوم مقامهما من العمل وفي الناطق من الإبل والبقر والغنم إذ الكل داخل في قوله: ﴿مَا كَسَبْتُمْ﴾ وهذا بشرط الحول٣ وبلوغ النصاب.
٢- وجوب الزكاة في الحرث: الحبوب والثمار وذلك فيما بلغ نصاباً، وكذا في المعادن إذ يشملها لفظ الخارج من الأرض.
٣- قبح الإنفاق من الرديء وترك الجيد.
٤- التحذير من الشيطان ووجوب مجاهدته بالإعراض عن وساوسه ومخالفة أوامره.
٥- إجابة نداء الله والعمل بإرشاده.
٦- فضل العلم على المال.
﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (٢٧٠) إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا٤ هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ

١ الحكمة: النبوة والقرآن والإصابة في الأمور بوضع كل شيء في موضعه، فأعلى الحكمة النبوة ثم القرآن والسنة. وفي الصحيح: "لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها". واللفظ يشمل القرآن والسنة.
٢ أصل الحكمة: إحكام الشيء وإتقانه، وعليه فحفظ القرآن والسنة وفهما والعمل بهما هو الحكمة، وفي الصحيح: "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين". وورد: رأس الحكمة مخافة الله.
٣ الحول: هو مرور سنة كاملة على زكاة النقدين والأنعام وعروض التجارة، والنصاب في الحبوب والثمار خمسة أوسق لحديث الصحيح: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" والوسق: ستون صاعاً، والصاع: أربعة أمداد. وفي النقدين: الذهب عشرون ديناراً ما يعادل سبعين غراماً، وفي الفضة: مائتا درهم: ما يعادل ٤٦٠ غراماً، وفي الغنم أربعون شاة، وفي البقر ثلاثون بقرة، وفي الإبل خمس منها.
٤ قوله تعالى: {فَنِعِمَّا هِيَ﴾ ثناء على إبداء الصداقة وقوله: ﴿وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ﴾ حكم على أن الإخفاء خير من الإبداء، قال أحد الحكماء: إذا اصطنعت المعروف فاستره، وإذا اصطنع إليك فانشره. قال دعبل الخزاعي:
إذا انتقموا أعلنوا أمرهم...
وإن أنعموا أنعموا باكتتام


الصفحة التالية
Icon