﴿فِي الْمَهْدِ﴾ : المهد: مضجع الصبي وهو رضيع.
﴿وَكَهْلاً﴾ : الكهولة: سن ما بين الشباب والشيخوخة.
﴿وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ﴾ : تريد لم يقربها ذكر لا للوقاع ولا لغيره، وذلك لعقمها وبعدها عن الرجال الأجانب.
﴿قَضَى أَمْراً﴾ : أراده وحكم بوجوده.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في حِجَاج وفد نصارى نجران إذ قال الله تعالى لرسوله واذكر١ لهم: ﴿إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ﴾ الآية، حيث أخبرتها الملائكة، أي: جبريل عليه السلام بأن الله تعالى يبشرها بولد يكون بكلمة الله تعالى اسمه المسيح عيسى بن مريم، وأنه ذو جاه وشرف في الدنيا وفي الآخرة ومن المقربين، وأنه يكلم الناس وهو في مهده وقت رضاعه، كما يكلمهم في شبابه وكهولته٢، وأنه من الصالحين الذين يؤدون حقوق الله تعالى وحقوق عباده وافية غير منقوصة، فردت مريم قائلة: ﴿رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ﴾ أي: كيف يكون لي ولد ولم يغشني بشر بجماع وسنة الله في خلق الولد الغشيان. فأجابها جبريل قائلاً: الأمر هكذا سيخلق الله تعالى منك ولداً من غير أب، وهو سبحانه وتعالى يخلق ما يشاء، وإذا حكم بوجود شيء من غير ذوات الأسباب فإنما يقول له: ﴿كن﴾ فهو يكون، كما قضى الله تعالى وأراد.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان شرف مريم وكرامتها على ربها إذا كلمها جبريل وبشرها بعد أن تمثل لها بشراً.
٢- بيان شرف عيسى عليه السلام ووجاهته في الدنيا والآخرة وأنه من المقربين والصالحين.
٣- تكلم عيسى في المهد٣ آي من آيات الله تعالى حيث لم تجر العادة أن الرضيع يتكلم في زمان رضاعه.

١ إذ الظرفية هنا بدل من نظيراتها السابقة، وهي معمولة لفعل محذوف، أي: أذكر.
٢ ذكر الكهولة هنا تطمين لأمه أنه لا يموت صغيراً وتكليمه في الكهولة يكون بعد نزوله من السماء؛ لأنه عليه السلام رفع مع نهاية سن الشباب، وهو ثلاث وثلاثون سنة لا غير.
٣ لقد تكلم في المهد غير واحد، منهم شاهد يوسف، وصاحب جريج، وكلام عيسى في المهد هو قوله: ﴿إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ﴾ الآية في سورة مريم.


الصفحة التالية
Icon