﴿أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً﴾ : أن يجعل شيئاً مثلاً لآخر يكشف عن صفته وحاله في القبح أو الحسن.
﴿مَا بَعُوضَةً﴾ : ما: نكرة بمعنى: شيء. أي شيء كان يجعله مثلاً، أو زائدة. وبعوضة المفعول الثاني. والبعوضة: واحدة البعوض، وهو صغار البق.
﴿الْحَقُّ﴾ : الواجب الثبوت الذي يحيل العقل عدم وجوده.
﴿الْفَاسِقِينَ﴾ : الفسق الخروج عن الطاعة، والفاسقون: هم التاركون لأمر الله تعالى بالإيمان والعمل الصالح، وبترك الشرك والمعاصي.
﴿يَنْقُضُونَ﴾ : النقض: الحل بعد الإبرام.
﴿عَهْدَ اللهِ﴾ : ما عهد به إلى الناس من الإيمان والطاعة له ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ﴾ : من بعد إبرامه وتوثيقه بالحلف أو الإشهاد عليه.
﴿وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ﴾ : من إدامة الإيمان والتوحيد والطاعة وصلة الأرحام.
﴿وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ﴾ : الإفساد في الأرض يكون بالكفر وارتكاب المعاصي.
﴿الْخَاسِرُونَ﴾ : الكاملون في الخسران بحيث يخسرون أنفسهم وأهليهم يوم القيامة.
سبب النزول والمعاني:
لما ضرب الله تعالى المثلين السابقين الناري والمائي١ قال المنافقون: الله أعلى وأجل أن يضرب هذا المثل. فأنزل الله تعالى رداً عليهم قوله ﴿إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي﴾ الآية.
فأخبر تعالى أنه لا يمنعه الاستحياء أن يجعل مثلاً بعوضة٢ فما دونها٣ فضلاً عما هو أكبر٤. وإن الناس حيال ما يضرب الله من أمثال، قسمان: مؤمنون: فيعلمون أنه الحق من ربهم. وكافرون: فينكرونها، ويقولون؛ كالمعترضين: ماذا أراد الله بهذا مثلاً!؟.
كما أخبر تعالى أن ما يضرب من مثل يهدي به كثيراً من الناس ويضل به كثيراً، وأنه لا يضل به إلا الفاسقين الذين وصفهم بقوله: {الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ

١ أورده ابن جرير وارتضاه.
٢ في قوله: ما بعوضة إعرابات كثيرة لا طائل تحتها فنصب بعوضة على إنها بدل من ما النكرة التي هي في محل نصب فعل يضرب بمعنى يجعل. ورفع بعوضة على إنها خبر، والمبتدأ هو: ما على إنها موصولة والتقدير: الذي هو بعوضة.
٣ كالذرة.
٤ كالفراشة والجرادة.


الصفحة التالية
Icon