﴿إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً﴾ : أي: زواج نساء الآباء فاحشة شديدة القبح.
﴿وَمَقْتاً١﴾ : ممقوتاً مبغوضاً للشارع، ولكل ذي فطرة سليمة.
﴿وَسَاءَ سَبِيلاً﴾ : أي: قبح نكاح أزواج الآباء طريقاً يسلك.
﴿أُمَّهَاتُكُمْ﴾ : جمع٢ أم، فالأم محرمة ومثلها الجدة وإن علت.
﴿وَرَبَائِبُكُمُ﴾ : الربائب: جمع ربيبة هي بنت الزوجة.
﴿وَحَلائِلُ أَبْنَائِكُمُ﴾ : الحلائل٣: جمع حليلة وهي امرأة الابن من الصلب.
معنى الآيتين:
ما زال السياق الكريم في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بالإرث والنكاح وعشرة النساء. وفي هاتين الآيتين ذكر تعالى محرمات النكاح من النسب والرضاع والمصاهرة، فبدأ بتحريم امرأة الأب وإن علا فقال: ﴿وَلا تَنْكِحُوا٤ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ﴾، ولم يقل من ليشمل التحريم منكوحة الأب والطريقة التي كانت متبعة عندهم في الجاهلية. ولذا قال إلا ما قد سلف في الجاهلية فإنه معفو عنه بالإسلام بعد التخلي عنه وعدم المقام عليه، وبهذه اللفظ حرمت امرأة الأب والجد على الابن وابن الابن ولو لم يدخل بها الأب، ثم ذكر محرمات النسب فذكر الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ، وبنات الأخت فهؤلاء سبع محرمات من النسب٥ قال تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْت﴾، ثم ذكر المحرمات بالرضاع فقال: ﴿وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ﴾ فمن رضع من امرأة خمس٦ رضعات وهو في سن الحولين، تحرم عليه ويحرم عليه أمهاتها وبناتها وأخواتها وكذا بنات زوجها وأمهاته حتى

١ سأل ابن الأعرابي عن نكاح المقت، فقال: هو أن يتزوج الرجل امرأة أبيه إذا طلقها أو مات عنها، ويقال لمن تزوج امرأة أبيه: الضيزن.
٢ الصواب: جمع أمهه، الأم تجمع على: أمات وأقل ما يقول به. والآية نص في تحريم كل انثى لها على الرجل ولادة فتدخل الأم فيه، وأمها، وجداتها.
٣ سميت امرأة الابن: حليلة؛ لأنها تحل معه حيث حل فهي فعيلة بمعنى فاعلة، وقيل: سميت حليلة؛ لأنها محللة له.
٤ روي أن أبا قيس توفى وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنة قيس امرأة أبيه، فقالت له: إني أعدك ولداً، ولكني آتي رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأستمره، فأتته فأخبرته، فأنزل الله تعالى هذه الآية: ﴿وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاء﴾.
٥ وحرم بالسنة المتواترة: الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.
٦ خالف مالك رحمه الله تعالى ومن وافقه، فقالوا: لا فرق بين قليل الرضاع وكثيره، إذا وصل اللبن إلى الأمعاء ولو مصة واحدة مع أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "لا تحرم المصة ولا المصتان" رواه مسلم.


الصفحة التالية
Icon