معنى الآيتين:
على ذكر الإيمان والكفر في الآية السابقة ذكر تعالى في هاتين الآيتين الوعيد والوعد الوعيد لأهل الكفر والوعد لهل الإيمان فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً﴾ يريد يدخلهم نار جهنم يحترقون فيها ويصطلون بها ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ﴾ تهرت وسقطت بدلهم١ الله تعالى فوراً جلوداً غيرها ليتجدد ذوقهم للعذاب وإحساسهم به، وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً﴾ تذييل المقصود منه إنفاذ الوعيد فيهم؛ لأن العزيز الغالب لا يعجز عن إنفاذ ما توعد به أعداءه، كما أن الحكيم في تدبيره يعذب أهل الكفر به والخروج عن طاعته، هذا ما تضمنته الآية الأولى (٥٦) من وعيد لأهل الكفر.
وأما الآية الثانية (٥٧) فقد تضمنت البشرى السارة لأهل الإيمان وصالح الأعمال، مع اجتناب الشرك والمعاصي فقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي: بعد تركهم الشرك والمعاصي ﴿سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ٢ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ﴾ يريد نساء من الحور العين مطهرات من كل ما يؤذي أو يُخل بحسنهن وجمالهن نقيات من البول والغائض ودم الحيض. وقوله تعالى: ﴿وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً﴾ وارفاً كنيناً يقيهم الحر والبرد. وحدث يوماً رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: "في الجنة شجرة تسمى٣ شجرة الخلد يسير الراكب في ظلها مائة سنة ما يقطع ظلها".
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- الكفر والمعاصي موجبات٤ للعذاب الأخروي.
٢- بيان الحكمة في تبديل الجلود لأهل النار وهي أن يدوم إحساسهم بالعذاب.
٣- الإيمان والعمل الصالح مع ترك الشرك والمعاصي موجبات للنعيم الأخروي.
٢ ذكر هذا الخلود إعظاماً للمنة، و ﴿خالدين﴾ منصوب على الحال المقدرة، أي: حال كون خلودهم مقدراً فيها قبل دخلوهم إياها.
٣ ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية.
٤ وذلك لأن الكفر والشرك والمعاصي التي هي ترك الواجبات وفعل المحرمات تدنس النفس فلا تصبح أهلاً لدخول الجنة لقوله تعالى: ﴿قدْ أَفْلَح مَنْ زَكّاها وَقدْ خَابَ مَنْ دَسّاها﴾.