الغسل ثلاثاً ثلاثاً على وجه الاستحباب، وقول بسم الله عند الشروع، أي: البدء في الوضوء. كما بينت السنة وجوب الترتيب بين الأعضاء المغسولة الأول فالأول، ووجوب الفور بحيث لا يفصل بزمن بين أعضاء الوضوء حال غسلها بل يفعلها في وقت واحد إن أمكن ذلك وأكدت وجوب النية حتى لكأنه شرط في صحة الوضوء١.
وقال تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا ٢﴾ أي: وإن أصابت أحدكم جنابة وهي الجماع والاحتلام فمن جامع زوجته فأولج ذكره في فرجها ولو لم ينزل، أي: لم يخرج منه المني فقد أجنب، كما أن من احتلم فخرج منه مني فقد أجنب بل كل من خرج منه مني بلذة في نوم أو يقظة فقد أجنب وانقطاع دم حيض المرأة، ودم نفاسها؛ كالجنابة يجب منه الغسل، وقوله: ﴿فَاطَّهَّرُوا﴾ يريد فاغتسلوا وقد بينت السنة كيفية الغسل وهي: أن ينوي المرء رفع الحدث الأكبر بقلبه ويغسل كفيه قائلاً: بسم الله ويغسل فرجه وا حولهما، ثم يتوضأ الوضوء الأصغر المعروف، ثم يخلل أصول شعر رأسه ببلل يديه، ثم يغسل رأسه٣ ثلاث مرات، ثم يقبض الماء على شق جسده الأيمن كله من أعلاه إلى أسفله، ثم الأيسر، ويتعاهد الأماكن التي قد ينبو عنها الماء فلا يمسها؛ كالسرة وتحت الإبطين، والرفقين وهما أصل الفخذين، وقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ ذكر تعالى في هذه الجملة الكريمة نواقض الوضوء وموجب الانتقال منه إلى التيمم فقال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى﴾، فالمريض قد يعجز عن الوضوء لضعف جسمه بعدم القدرة على التحرك، وقد تكون به جراحات أو دماميل يتعذر معها استعمال الماء حيث يزداد المرض بمس الماء، وقوله: ﴿أَوْ عَلَى سَفَرٍ﴾ إذ السفر مظنة عدم وجود الماء هذه موجبات الانتقال من الوضوء إلى التيمم، وقوله عز وجل: ﴿أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ٤ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾.
٢ ﴿فاطهروا﴾ : أصلها فتطهروا، فأدغمت التاء في الطاء لاتحاد مخرجيهما، ومعنى: اطهروا: اغتسلوا، وفي الحديث الصحيح: "لا يقبل الله صلاة بغير طهور... ".
٣ مع أذنيه ظاهرًا وباطنًا.
٤ أصل الغائط: أنه المكان المنخفض، ولما كان من يريد قضاء حاجته يأتي المكان المنخفض ليستتر عن أعين الناس، أطلق لفظ الغائط على ما يحل فيه من بول وعذرة.