معنى الآيات:
هذا هو جواب القوم على طالب الرجلين الصالحين باقتحام المدينة على العدو، إذ قالوا بكل وقاحة ودناء وخسة: ﴿يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا﴾ أي: المدينة ﴿أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا﴾ أي: ما دام أهلها فيها يدافعون عنها ولو لم يدافعوا١، ﴿فَاذْهَبْ أَنْتَ٢ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا﴾ أهل المدينة، أما نحن ف ﴿هَاهُنَا قَاعِدُونَ﴾. أي تمرد وعصيان أكثر من هذا؟ وأي جبن وخور أعظم من هذا؟ وأي سوء أدب أحط من هذا؟ وهنا قال موسى متبرئاً من القوم الفاسقين: رب: أي يا رب ﴿إِنِّي لا أَمْلِكُ٣ إِلا نَفْسِي وَأَخِي﴾ يريد هارون ﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾ فطلب بهذا البراءة منهم٤ ومن صنيعهم، إذ قد استوجبوا العذاب قطعاً، فأجابه ربه تعالى بقوله في الآية الثالثة (٢٦) ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ﴾ أي: الأرض المقدسة أربعين سنة لا يدخلونها وفعلاً ما دخلوها إلا بعد مضي الفترة المذكورة "أربعين سنة" وكيف كانوا فيها؟ يتيهون٥ في أرض سيناء متحيرين لا يدرون أين يذهبون ولا من أين يأتون، وعليه فلا تحزن يا رسولنا ولا تأسف على القوم الفاسقين، إذ هذا جزاؤهم من العذاب عُجل لهم فليذوقوه!!.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بيان جبن اليهود وسوء أدبهم مع ربهم وأنبيائهم.
٢- وجوب البراءة من أهل الفسق ببغض عملهم وتركهم لنقمة الله تعالى تنزل بهم.
٣- حرمة الحزن والتأسف على الفاسقين والظالمين إذا حلت بهم العقوبة الإلهية جزاء فسقهم وظلمهم لأنفسهم ولغيرهم.
٢ هذه العبارة تدل على جهل القوم بالله تعالى وبما يجب له من العظيم والوقار، وهي كلمة كفر إن لم يعذر صاحبها بجهل بالله تعالى وصفاته
٣ ليس معنى الملك أن يملكه كعبد لا. أنه أخوه فكيف يملكه وإنما مراده: إني لا أملك إلا نفسي وأخي لا يملك لا نفسه أيضًا لا قدرة لي ولا له على بني إسرائيل.
٤ أراد مفاصلتهم لما ظهر منهم من التمرد والعصيان والبعد عنهم حتى لا يصيبهما ما يصيبهم من العقاب.
٥ التيه في اللغة: الحيرة. يقال: تاه يتيه تيهًا، إذا تحير، والأرض التيهاء التي لا يهتدي فيها، وتاه المرء في الأرض ذهب فيها متحيرًا لا يدري، أين يذهب أو يجيء.