جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (٣٢) }
شرح الكلمات:
﴿من أجل ذلك﴾ : أي بسبب ذلك القتل.
} كتبنا} : أوحينا.
﴿أو فساد في الأرض﴾ : بحلابه لله ورسوله والمؤمنين.
﴿ومن أحياها﴾ : قدرعلى قتلها وهي مستوجبه له فتركها.
﴿بالبينات﴾ : الآيات والواضحةات حاملة للشرائع والدلائل.
﴿لمسرفون﴾ : مكثرون من المعاصي والذنوب.
معنى الآية الكريمة:
يقول تعالى: إنه من أجل قبح جريمة القتل وما يترتب عليها من مفاسد ومضار لا يقادر قدرها، أوحينا على بني إسرائيل لكثرة ما شاع بينهم من القتل وسفك الدماء، فقد قتلوا الأنبياء والآمرين بالقسط من الناس لأجل هذه الضراوة على القتل، فقد قتلوا رسولين: زكريا ويحي، وهموا بقتل المرسلين العظيمين عيسى ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، من أجل ذلك١ شددنا٢ عليهم في العقوبة، إذ من قتل منهم نفساً بغير نفس أي ظلماً وعدواناً، أو قتلها بغير فساد قامت به في الأرض، وهو حرب الله ورسوله والمؤمنين ﴿فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً﴾ بمعنى يعذب عذاب قتل الناس جميعاً يوم القيامة، ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا﴾ بأن استوجب القتل فعفا عنها وتركها لله إبقاء عليها ﴿فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ٣ جَمِيعاً﴾ يعني يُعطى أجر من أحيا الناس٤ جمعياً، كل هذا شرعه الله تعالى لهم تنفيراً
٢ خص بني إسرائيل بهذا دون من سبقهم من الأمم تغليظًا عليهم لجرأتهم على القتل علهم يكفون من سفك الدماء، إذ قتلوا حتى الأنبياء والآمرين بالقسط من الناس.
٣ كأن للتشبيه، ومن هنا يكون معنى الكلام: كتبنا مشابهة قتل نفس بغير نفس... إلخ. بقتل الناس أجمعين، أي: في عظم الجرم ومشابهة من أحيا الناس جميًعا في عظم الأجر.
٤ من أحياها: معناه: من استنقذها من الموت، بأن عفى عنها بعد تعين القصاص عليها، أو دافع عنها حتى أنقذها ممن أراد قتلها لأن الإحياء بعد الموت ليس في مقدور الإنسان وإنما قد يهم المرء بالقتل ويعفو فيكون كمن أحياها.