وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٣٣) إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٤) }
شرح الكلمات:
﴿يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ : بالخروج عن طاعتهما وحمل السلاح على المؤمنين وقتلهم وسلب أموالهم والاعتداء على حرماتهم.
﴿وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً﴾ : بإخافة الناس وقطع طرقهم وسلب أموالهم والاعتداء على أعراضهم.
﴿أَوْ يُصَلَّبُوا﴾ : يشدون على أعواد الخشب ويقتلون، أو بعد أن يقتلوا.
﴿مِنْ خِلافٍ﴾ : بأن تقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، والعكس.
﴿أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ﴾ : أي من أرض الإسلام.
﴿خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا﴾ : ذل ومهانة.
﴿عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ : عذاب جهنم.
﴿أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ﴾ : أي: تتمكنوا منهم بأن فروا بعيداً ثم جاءوا مسلمين.
معنى الآيتين:
لما ذكر تعالى ما أوجبه على اليهود من شدة العقوبة وعلى جريمة القتل والفساد في الأرض كسراً لحدة جرءتهم على القتل والفساد، ذكر هنا حكم وجزاء من يحارب المسلمين ويسعى بالفساد في ديارهم فقال تعالى: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ١ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ﴾ بالكفر٢ بعد الإيمان

١ الجمهور على أن سبب نزول هذه الآية: ﴿إنْمَا جَزاء... ﴾ إلخ. هو العرنيون الذين نزلوا المدينة وادعوا أنهم اجتووها، أي: أمرضهم مناخها فأمر لهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلقاح وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها فخرجوا خارج المدينة، ولما شفوا وصحوا قتلوا الراعي ومثلوا به، وذهبوا بالإبل فلحقتهم خيل المسلمين فردتهم ونزلت هذه الآية ببيان حكم الله فيهم، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فبقى هذا تشريعًا يطبق على مثلهم إلى يوم القيامة.
٢ لأن العرنيين وكانوا سبعة ثلاثة من عُكل، وأربعة من عرينة كفروا بعد إيمانهم الذي أظهروا بالمدينة، ثم ادعوا أنهم استوخموا المدينة فساعدهم الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رحمة منه بما يشفيهم، فلما شفوا وصحوا كفروا وقلتوا الراعي وساقوا الإبل، والأية عامة في المرتد وغيره، والحكم ما بين الله تعالى في هذه الآية لا غيره، وصيغة الحصر فيها إنما ظاهرة.


الصفحة التالية
Icon