﴿الْوَسِيلَةَ١﴾ : تقربوا إليه بفعل محابه وترك مساخطه تظفروا بالقرب٢ منه.
﴿وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ﴾ : أنفسكم بحملها على أن تتعلم وتعمل وتعليم، وأعداءه بدعوتهم إلى الإسلام وقتالهم على ذلك.
﴿تُفْلِحُونَ﴾ : تنجون من النار وتدخلون الجنة.
﴿عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ : دائم لا يبرح ولا يزول.
معنى الآيتين:
ينادي الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين به وبرسوله ووعده ووعيده ليرشدهم إلى ما ينجيهم من العذاب فيجتنبوه، وإلى ما يدنيهم من الرحمة فيعملوه فيقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ٣ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ومعنى اتقوا الله خافوا عذابه فأطيعوه بفعل أوامره وأوامر رسوله واجتناب نواهيهما فإن عذاب الله لا يتقى إلا بالتقوى. ومعنى ﴿وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ﴾ : اطلبوا إليه القربة، أي: تقربوا إليه بفعل ما يحب وترك ما يكره تفوزوا بالقرب منه. ومعنى ﴿وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ﴾ : جاهدوا أنفسكم في طاعته، والشيطان في معصيته، والكفار في الإسلام إليه والدخول في دينه باذلين كل ما في وسعكم من جهد وطاقة. هذا ما دلت عليه الأية الأولى (٣٥)، أما الآية الثانية (٣٦) وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ﴾ فإنها علة لما دعت إليه الآية الأولى من الأمر بالتقوى وطلب القرب من الله تعالى وذلك بالإيمان وصالح الأعمال، لأن العذاب الذي أمروا باتقائه بالتقوى عذاب لا يطاق أبداً ناهيكم أن الذين كفروا ﴿لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ٤ جَمِيعاً﴾ من مال صامت وناطق ﴿وَمِثْلَهُ مَعَهُ﴾ وقبل منهم
إن الرجال لهم إليك وسيلة | أن يأخذوك تكحلي وتخضبي |
إذ غفل الواشون عدنا لوصلنا | وعاد التصافي بيننا والوسائل |
٣ تقديم الجار والمجرور على المفعول والمطلوب، في قوله تعالى: ﴿وَابْتَغوُا إلَيه الوَسِيلة﴾ مؤذن بتوحيد الله تعالى بالعبادات التي يتقرب بها إليه فلا يصح صرف شيء منها إلى غيره مهما كان.
٤ أي: لو ثبت لهم ما في الأرض ومثله معه أيضًا لأجل الافتداء به لا لأجل أن يكنزوه في وجوه الإنفاق المحبوبة لهم لافتدوا به ولكن أنى يكون لهم ذلك.