﴿فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ : أي: اقطعوا من سرق منهما يده من الكوع.
﴿نَكَالاً﴾ : عقوبة من١ الله تجعل غيره ينكل أن يسرق.
﴿عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ : عزيز: غالب لا يحال بينه وبين مراده، حكيم: في تدبيره وقضائه.
﴿بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾ : بعد ظلمه لنفسه بمعصية الله تعالى بأخذ أموال الناس.
﴿وَأَصْلَحَ﴾ : أي: نفسه بتزكيتها بالتوبة والعمل الصالح.
﴿فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ﴾ : أي: يقبل توبته، ويغفر له ويرحمه إن شاء.
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾ : خلقاً وملكاً وتدبيراً.
﴿يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ﴾ : أي: تعذيبه لأنه مات عاصياً لأمره كافراً بحقه.
﴿وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ﴾ : ممن تاب من ذنبه وأناب إليه سبحانه وتعالى.
معنى الآيات:
يخبر تعالى مقرراً حكماً من٢ أحكام شرعه، وهو أن الذي يسرق مالاً يقدر بربع دينار فأكثر من حرز مثله٣ خفية وهو عاقل بالغ، ورفع إلى الحاكم، والسارقة كذلك فالحكم أن تقطع يد السارق اليمنى من الكوع، وكذا يد السارقة مجازاة لهما على ظلمهما بالاعتداء على أموال غيرهما، ﴿نَكَالاً مِنَ اللهِ﴾ أي: عقوبة من الله تعالى لهما تجعل غيرهما لا يقدم على أخذ أموال الناس بطريق السرقة المحرمة، ﴿وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ غالب على أمره حكيم في قضائه وحكمه. هذا معنى قوله تعالى: ﴿وَالسَّارِقُ٤ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا﴾ ٥ من الإثم ﴿نَكَالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾.
وقوله تعالى في الآية الثانية (٣٩) ﴿فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ﴾ أي: تاب من السرقة بعد
٢ لما ذكر تعالى حكم المحاربين ذكر حكم السارق والسارقة وما ذكر بينها من دعوة المؤمنين إلى التقوى والتقرب إلى الله تعالى للحصول على رضاه هو من باب تنويع الأسلوب وتلوين الكلام إذهابًا للسآمة والملل عن القارئ والسامع.
٣ السارق عن العرب: هو من جاء مستترًا إلى حرز فأخذ منه ما ليس له، فإن أخذ من ظاهر فهو مختلس ومستلب ومنتهب، فإن تمنع بما أخذ فهو غاصب.
٤ قرئ: والسارق: بالنصب على تقدير: اقطعوا السارق والسارقة. وقرئ: بالرفع، وهو أشهر، والإعراب فيما فرض عليكم: السارق والسارقة فاقطعوا، وأحسن من أن يكون السارق والسارقة مبتدأ، وجملة: فاقطعوا، خبر.
٥ أول سارق قطعت يده في الإسلام، هو: الخيار بن عدي بن نوفل بن عبد مناف. وأول سارقة في الإسلام هي: مرة بنت سفيان المخزومية.