معنى الآيات:
يذكر تعالى رسوله والمؤمنين بنعمة من نعمه تعالى عليهم فيقول لرسوله واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا ﴿ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك﴾ إذا اجتمعت قريش في دار الندوة وأتمرت في شأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفكرت ومكرت فأصدروا١ حكماً بقتله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبعثوا من ينفذ جريمة القتل فطوقوا منزلة فخرج النبي ٢ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد أن رماهم بحثية من تراب قائلاً شاهت الوجوه، فلم يره أحد ونفذ وهاجر إلى المدينة وهذا معنى ﴿ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين﴾ فكان في نجاته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من يد قريش نعمة عظمى على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعلى سائر المؤمنين والحمد لله رب العالمين.
وقوله تعالى في الآية الثانية ﴿وإذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا٣ مثل هذا إن هذا إلا أساطير الأولين﴾ هذا الخبر تنديد بموقف المشركين ذكر بعد ذكر مؤامراتهم الدنية ومكرهم الخبيث حيث قرروا قتله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخبر تعالى أنهم إذا قرأ عليهم الرسول آيات الله المبينة للحق والمقررة للإيمان به ورسالته بذكر قصص الأولين قالوا ﴿سمعنا﴾ ما تقرأ علينا، ﴿ولو شئنا لقلنا مثل هذا﴾ أي الذي تقول ﴿إن هذا إلا أساطير الأولين﴾ أي أخبار السابقين من الأمم سطرت وكتبت فهي تملى عليك فتحفظها وتقرأها علينا وكان قائل هذه المقالة الكاذبة النضر بن الحارث عليه لعائن الله إذ مات كافراً.
هداية الآيتين
من هداية الآيتين:
١- التذكير بنعم الله تعالى على البعد ليجد العبد في نفسه داعية الشكر فيشكر.
٢- بيان مدى ما قاومت به قريش دعوة الإسلام حتى إنها أصدرت حكمها بقتل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣- بيان موقف المشركين من الدعوة الإسلامية، وأنهم بذلوا كل جهد في سبيل إنهائها والقضاء عليها.

١ كان حكم القتل باقتراح إبليس إذ جاءهم وهم يتشاورون في أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأشار عليهم وهو في صورة شيخ نجدي فقبلوا ما أشار به عليهم من القتل فأخذوا برأيه وتركوا ما أشار به بعضهم من النفي والحبس.
٢ بعد أن ترك علياً نائماً على فراشه مسجىً ببرد أخضر للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٣ من بين القائلين: النضر بن الحارث إذ كان قد خرج إلى الحيرة في تجارة فاشترى أحاديث كليلة ودمنة وكسرى، وقيصر، وأخذ يقصّ تلك الأخبار ويقول: هذه مثل الذي يقصّ محمد من أخبار الماضين. وكذب فأين ما يقصه القرآن وما يوسوس به الشيطان.


الصفحة التالية
Icon