﴿ونفصل الآيات لقوم يعلمون﴾ أي نبين الآيات القرآنية المشتملة على الحجج والبراهين على توحيد الله تعالى وتقرير نبوة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وعلى الأحكام الشرعية في الحرب والسلم كما في هذا السياق وقوله ﴿لقوم يعلمون﴾ لأن الذين لا يعلمون من أهل الجهالات لا ينتفعون بها لظلمة نفوسهم وفساد عقولهم بضلال الشرك والأهواء وقوله تعالى في الآية الرابعة (١٢) ﴿وإن نكثوا أيمانهم١ من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم﴾ يريد تعالى أولئك المعاهدين من المشركين إذ هم نكثوا أيمانهم التي أكدوا بها عهودهم فحلوا ما أبرموا ونقضوا ما أحكموا من عهد وميثاق وعابوا الإسلام وطعنوا فيه فهم إذاً أئمة الكفر ورؤساء الكافرين فقاتلوهم بلا هوادة، ولا تراعوا لهم أيماناً حلفوها لكم فإنهم لا أيمان لهم. قاتلوهم رجاء أن ينتهوا من الكفر والخيانة والغدر فيوحدوا ويسلموا ويصبحوا٢ مثلكم أولياء الله لا أعداءه.
هداية الآيات.
من هداية الآيات:
١- ذم سلوك الكافرين وتصرفاتهم في الحياة وحسبهم أن باعوا الحق س بالباطل، واشتروا الضلالة بالهدى.
٢- من كان الاعتداء وصفاً له لا يُؤمن على شيء، ولا يوثق فيه في شيء، لفساد ملكته النفسية.
٣- أخوة الإسلام تثبت بثلاثة أمور التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة٣.
٤- الطعن في الدين ردة وكفر موجب للقتل والقتال.

١ النكث: النقض وأصله في كل ما فتل أو أبرم ثم حل، واستعملت في الأيمان والعهود، قال الشاعر:
وإن حلفت لا ينقض النأي عهدها
فليس لمخضوب البنان يمين
٢ نعم ما مات رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى لم يبق منهم إلاّ ثلاثة، ولم يبق من المنافقين إلا أربعة: روى البخاري عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية يعني: ﴿فقاتلوا أئمة الكفر..﴾ إلا ثلاثة ولا يبقى من االمناقفين إلا أربعة فقال أعرابي: إنكم أصحاب محمد تخبرون أخباراً لا ندري ما هي؟ تزعمون إلاّ منافق إلاّ أربعة، فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا ويسرقون أعلافنا- نفائس أموالنا- قال حذيفة رضي الله عنه: أولائك الفساق، أجل لم يبق منهم إلا أربعة أحدهم شيخ كبير لو شرب الماء البارد لما وجد برده، أي: لذهاب شهوته وفساد معدته.
٣ قال ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية حرّمت دماء أهل القبلة يعني قوله تعالى ﴿فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين﴾.


الصفحة التالية
Icon