وإخوانكم١ أولياء إن استحبوا٢ الكفر على الإيمان} أي اثروا الكفر والإصرار عليه على الإيمان بالله ورسوله ثم يهددهم إن لم يمتثلوا أمره ويفاصلوا آباءهم وإخوانهم المستحبين للكفر على الإيمان فيقول ﴿ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون٣﴾ ووجه الظلم ظاهر وهو أنهم وضعوا المحبة موضع البغضاء، والنصرة موضع الخذلان. والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه. ثم أمر تعالى رسوله أن يقول لهم، وفي هذا العدول عن خطابهم مباشرة إلى الواسطة ما يشعر بالغضب وعدم الرضى، والتهديد والوعيد ﴿قل إن كان٤ آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله﴾ فتركتم الهجرة والجهاد لذلك ﴿فتربصوا حتى يأتي الله بأمره﴾ أي انتظروا أمر الله وهو فتح مكة عليكم وإنزال العقوبة بكم، ﴿والله لا لهدي القوم الفاسقين﴾ أي لا يوفقهم لسبل نجاتهم وسعادتهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- حرمة اتخاذ الكافرين أولياء يُوادون ولو كانوا من أقرب الأقرباء كالأب والابن والأخ.
٢- من الظلم الفظيع موالاة من عادى الله ورسوله والمؤمنين.
٣- فرضية محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، ومحبة سائر محاب الله تعالى وكره سائر مكاره الله تعالى من العقائد والأحوال والأعمال والذوات والصفات.
٤- حرمان أهل الفسق المتوغلين فيه من هداية الله تعالى إلى ما يكملهم ويسعدهم.
لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ

١ لم يذكر الأبناء لأنّ العادة أنّ الأبناء تبع لآبائهم وذكر الآباء والإخوان ذكر لأقوى القرابة.
٢ استحبوا: بمعنى أحبوا نحو: استجاب بمعنى: أجاب.
٣ قال ابن عباس: من تولاهم هو مشرك مثلهم لأنّ الرضا بالشرك شرك ويستثنى من هذه المقاطعة الإحسان والهبة للأقارب الكفرة لحديث أسماء إذ قالت: يا رسول الله إنّ أمي قدمت عليّ راغبة وهي شركة أفأصلها؟ قال: صلي أمك. رواه البخاري.
٤ هذه الآية نزلت في الذين تخلفوا عن الهجرة إلى المدينة إيثاراً لما ذكر تعالى على حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله تعالى إذ توعدهم تعالى بقوله: ﴿فتربصوا﴾ أي انتظروا ما سيحل بكم إن لم تتوبوا فتهاجروا وتجاهدوا.


الصفحة التالية
Icon