أحبارهم ورهبانهم: الأحبار جمع حبر: علماء واليهود، والرهبان جمع راهب عابد النصارى.
أرباباً من دون الله: أي آلهة يشرعون لهم فيعملون بشرائعهم من حلال وحرام.
نور الله: أي الإسلام لأنه هاد إلى الإسعاد والكمال في الدارين.
بأفواههم: أي بالكذب عليه والطعن فيه وصرف الناس عنه.
رسوله: محمداً صلى الله علمه وسلم.
معنى الآيات:
لما أمر تعالى بقتال أهل الكتاب لكفرهم وعدم إيمانهم الإيمان الحق المنجي من النار ذكر في هذه الآيات الثلاث ما هو مقرر لكفرهم ومؤكد له فقال ﴿وقالت اليهود عزير١ ابن الله﴾ ونسبة الولد إلى الله تعالى كفر بجلاله وكماله ﴿وقالت النصارى المسيح ابن٢ الله﴾ ونسبه الولد إليه تعالى كفر به عز وجل وبماله من جلال وكمال وقوله تعالى: ﴿ذلك قولهم بأفواههم﴾ أي ليس له من الواقع شيء إذ ليس لله تعالى ولد، وكيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة، وإنما ذلك قولهم بأفواههم فقط ﴿يضاهئون به٣﴾ أي يشابهون به ﴿قول الذين كفروا من قبل﴾ ٤ وهم اليهود الأولون وغيرهم وقوله تعالى ﴿قاتلهم الله أنى يؤفكون﴾ دعاء عليهم باللعن والطرد من رحمة الله تعالى وقوله ﴿أنى يؤفكون﴾ أي كيف يصرفون عن الحق ويبعدون عنه بهذه الصورة العجيبة وقوله ﴿اتخذوا أحبارهم٥ ورهبانهم أرباباً من دون الله﴾ ٦ هذا دليل آخر على كفرهم وشركهم إذ قبولهم قول علمائهم وعبادهم والإذعان

١ قرأ عاصم ﴿عزير﴾ بالتنوين، وقرأ نافع بغير تنوين، وقوله تعالى ﴿وقالت اليهود﴾ هو كقوله تعالى: ﴿الذين قال لهم الناس..﴾ فهو لفظ عام، والمراد به الخصوص إذ ما كلٌ اليهود قالوا بهذه القولة ولا كل الناس وإنما بعضهم.
٢ في الآية دليل على أن حاكي الكفر، وهو منكر له بقلبه ولسانه لا يكفر.
٣ يقال: امرأة ضهياً: للتي لا تحيض ولا ثدي لها كأنها أشبهت الرجل.
٤ أي: شابه قولهم قول الكافرين من قبلهم وهم أسلافهم الذين قلدوهم أو قول العرب الذين قالوا: الملائكة بنات الله. تعالى الله عن البنت والولد علواً كبيراً.
٥ الحِبر بكسر الحاء. المداد، وبفتحها العالم، والرهبان: جمع راهب مأخوذ من الرهبة، والراهب الحق. هو من حمله خوف الله على أن يخلص له النية في القول والعمل ويجعل زمانه له وعمله له وأنسه به.
٦ روى الترمذي عن عدي بن حاتم قال: أتيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفي عنقي صليب من ذهب فقال: "ما هذا يا عديّ أطرح عنك هذا الوثن" وسمعته يقرأ ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح بن مريم﴾ وسئل حذيفة رضي الله عنه عن قول الله تعالى: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهباناهم أرباباً مر دون الله﴾ هل عبدوهم؟ قال: لا ولكن أحلّوا لهم الحرام فاستحلوه وحرموا عليهم الحلال فحرموه.


الصفحة التالية
Icon