إلى ﴿إني١ أخاف إن عصيت ربي﴾ بتبديل كلامه ﴿عذاب يوم عظيم﴾ أي عذاب يوم القيامة وقوله ﴿قل لو شاء الله ما تلوته عليكم ولا أدراكم به﴾ أي قل لهم رداً على طلبهم: لو شاء الله أن لا أتلوه عليكم ما تلوته عليكم، ولا أدراكم هو به أي ولا أعلَمكم فالأمر أمره وأنا لا أعصيه ويدل لكم على صحة ما أقول: إني لبثت فيكم عمراً٢ أي أربعين سنة قبل أن آتيكم به ﴿أفلا تعقلون﴾ : معنى ما أقول لكم من الكلام وما أذكر لكم من الحجج؟.
هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية (١٥- ١٦) أما الآية الثالثة فقد تضمنت التنديد بالمجرمين الذين يكْذِبون على الله تعالى بنسبة الشريك إليه ويكذِّبون بآياته ويجحدونها فقال تعالى ﴿فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً﴾ ٣ أي لا أحد أظلم منه ﴿أو كذب بآياته﴾ بعدما جاءته أي لا أحد أظلم من الاثنين، وقوله تعالى ﴿إنه لا يفلح المجرمون﴾ دل أولاً على أن المذكورين مجرمون وأنهم لا يفلحون شأنهم شأن كل المجرمين. وإذا لم يفلحوا فقد خابوا وخسروا. وقوله تعالى في الآية الرابعة ﴿ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم﴾ أي من الأصنام ﴿ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ ٤ وهم في ذلك كاذبون مفترون فلذا أمر الله أن يرد عليهم بقوله ﴿قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الأرض﴾ إذ لو كان هناك من يشفع عنده لعلِمَهُم وأخبر عنهم فلم الكذب على الله والافتراء عليه ثم نزه الله تعالى نفسه عن الشرك به والشركاء له فقال ﴿سبحانه وتعالى عما يشركون﴾.
هداية الآلات
من هداية الآيات
١- من الدعوة إلى الله تعالى تلاوة آياته القرآنية على الناس تذكيراً وتعليماً.

١ جملة: ﴿إنّي أخاف﴾ جملة تعليلية لجملة: ﴿إن أتبع إلا ما يوحى إليّ﴾.
٢ العمر: الحياة مشتق من العمران، لأنّ مدة الحياة يعمر بها الحي العالم الأرضي، ويطلق العمر على المدة الطويلة التي لو عاش الإنسان مقدارها لكان أخذ حظه من البقاء. والمراد من قوله ﴿عمراً﴾ أي: لبثت بينكم مدة عمر كامل. إذ هي أربعون سنة.
٣ في هذه الآية زيادة ردَّ على المطالبين بتبديل القرآن إذ تبديله ظلم والزيادة فيه كذب على الله تعالى ولا أحد أظلم ممن يفترى على الله الكذب، فكيف يسوغ لي أن افتري على الله الكذب أو أبدل كلامه.
٤ إن قولهم: هؤلاء ﴿شفعاؤنا﴾ لأصنام لا تنفع ولا تضر ولا تسمع ولا تبصر هو غاية الجهل، ومرادهم من شفاعتها أنها تشفع لهم عند الله في إصلاح معاشهم في الدنيا.


الصفحة التالية
Icon