إن أنتم إلا مفترون: أي ما أنتم في تأليه غير الله من الأوثان إلا كاذبون.
لا أسألكم عليه أجراً: أي لا أطلب منكم أجراً على إبلاغي دعوة التوحيد إليكم.
فطرني: أي خلقني.
مدرارا: أي كثيرة الدرور للمطر النازل منها.
ولا تتولوا مجرمين: أي ولا تعرضوا عن دعوة التوحيد مجرمين على أنفسكم بالشرك بالله.
معنى الآيات:
هنا شروع في قصة هود مع قومه عاد بعد قصة نوح عليه السلام ومغزى القصة تقرير توحيد الله ونبوة رسول الله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال تعالى ﴿وإلى عاد أخاهم١ هوداً﴾ أي وأرسلنا إلى قبيلة عاد٢ أخاهم هوداً وهو أخوهم في النسب وأول من تكلم بالعربية فهو أحد أربعة أنبياء من العرب وهم هود، وصالح، وشعيب، ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقوله ﴿قال يا قوم اعبدوا الله﴾ أي قال هود لقومه بعد أن أرسله الله إليهم يا قوم اعبدوا الله أي وحدوه في عبادته فلا تعبدوا معه غيره فإنه ما لكم من إله غير٣ الله سبحانه وتعالى. وقوله ﴿إن أنتم إلا مفترون﴾ أي ما أنتم في عبادة غير الله من الأصنام والأوثان إلا كاذبون، إذ لم يأمركم الله تعالى ربكم بعبادتها، وإنما كذبتم عليه في ذلك. وقوله ﴿يا قوم لا أسألكم عليه أجراً﴾ يريد لا أسألكم على دعوتي إياكم إلى توحيد ربكم لتكملوا بعبادته وتسعدوا أجراً أي مالاً ﴿إن أجرى إلا على الله الذي فطرني﴾ أي ما أجري إلا على الله الذي خلقني. وقوله ﴿أفلا تعقلون٤﴾ أي أفلا تعقلون أني لو كنت أبغي بدعوتي إلى التوحيد أجراً لطلبت ذلك منكم، غير أني لم أطلب من غير ربي أجراً فبان بذلك صدقي في دعوتكم ونصحي لكم.
وقوله تعالى عن قيل هود ﴿يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه﴾ يخبر تعالى أن هوداً نادى قومه فقال يا قوم استغفروا ربكم أي آمنوا به واطلبوا منه المغفرة لذنوبكم، ثم توبوا إليه أي ارجعوا إلى عبادته وحده بما شرع لكم على لسان نبيكم، واتركوا عبادة غيره يكافئكم بأن
٢ هما: عادان، الأولى والثانية لقوله تعالى: ﴿وأنه أهلك عاداً الأولى﴾ فهؤلاء هم عاد الأولى، وأمَّا الأخرى فالله أعلم بها.
٣ يصح في: ﴿غير﴾ الجر والرفع والنصب، فالجرّ على اللفظ، والرفع على الموضع والنصب على الاستثناء.
٤ وجائز أن يكون ﴿أفلا تعقلون﴾ لما جرى لقوم نوح لمّا كذّبوا الرسل، وما في التفسير أولى وأكثر فائدة.