واستعمركم: أي جعلكم عماراً فيها تعمرونها بالسكن والإقامة فيها.
قريب مجيب: أي من خلقه، إذ العوالم كلها بين يدله ومجيب أي لمن سأله.
مرجوا قبل هذا: أي قبل أن تقول ما قلت كنا نرجو أن تكون سيداً فينا.
أرأيتم: أي أخبروني.
على بيّنة من ربي: أي على علم بربي علمنيه سبحانه وتعالى فهل يليق بي أن أعبد غيره.
غير تخسير: أي خسار وهلاك.
معنى الآيات:
هذه بداية قصة صالح مع قومه إذ قال تعالى مخبراً عن إرساله إلى قومه ﴿وإلى ثمود١ أخاهم صالحا! أي وأرسلنا إلى قبيلة ثمود بالحجر بين الحجاز والشام أخاهم في القبيلة لا في الدين صالحاً. فقال {يا قوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره﴾ فناداهم بعنوان القومية جمعا لقلوبهم على ما يقول لهم فقال ﴿يا قوم اعبدوا الله﴾ أي آمنوا به ووحدوه في عبادته فلا تعبدوا معه أحداً. إذ ليس لكم من إله غيره. إذ هو ربكم أي خالقكم ورازقكم ومدير أمركم. ﴿أنشأكم من الأرض﴾ أي ابتدأ خلقكم بخلق أبيكم آدم منها ﴿واستعمركم٢ فيها﴾ أي جعلكم تعمرونها بالسكن فيها والعيش عليها، إذا فاستغفروه بالاعتراف بألوهيته ثم توبوا إليه فاعبدوه وحده ولا تشركوا في عبادته أحداً. وقوله ﴿إنّ ربّي قريب مجيب﴾ أخبرهم بقرب الربّ تعالى من عباده وإجابته لسائليه ترغيباً لهم في الإيمان والطاعة، وترك الشرك والمعاصي. هذا ما تضمّنته الآية الأولى (٦١) أما الآية الثانية فقد تضمنت رد القوم عليه عليه السلام إذ قالوا بما اخبر تعالى عنهم ﴿يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا﴾ أي كنا نأمل فيك الخير ونرجو أن تكون سيداً فينا حتى فاجأتنا بما تدعونا إليه من ترك آلهتنا لإلهك ثم أنكروا عليه دعوته فقالوا ﴿أتنهانا٣ أن نعبد ما يعبد آباؤنا﴾ وأخبروه أنهم

١ اختلف في صرف ثمود فمن القراء من صرفه أبداً وإلى ثمود بالجر والتنوين ومنهم من صرفه في موضع من القرآن ومنه في موضع آخر ولكل فيما رآه وجه صحيح.
٢ استعمر بمعنى أعمر كاستجاب بمعنى أجاب أعمركم جعلكم تعمرونها فأنتم عمارها إلى نهاية آجالكم المحددة لكم، وليس هذا من باب استسهل الشيء إذا وجده سهلاً واستصعبه إذا وجده صعباً فإن الله تعالى لا يعجزه شيء وفي الآية دليل على العمري وهو أن يقول مالك لآخر أعمرتك داري فتصبح له واختلف هل تبقى لذريته بعد موته أو هي له ما دام حياً فإذا مات عادت لمن أعمره إياها مذهبان مشهوران وفي الحديث العمري جائزة والعُمري لمن وهبت له.
٣ الاستفهام للإنكار.


الصفحة التالية
Icon