معنى الآيات:
هذه بشارة إبراهيم عليه السلام التي بشره الله تعالى بها إذ قال تعالى ﴿ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى١﴾ والمراد بالرسل جبريل وميكائيل وإسرافيل، إذ دخلوا عليه داره فسلموا عليه فرد عليهم السلام وهو معنى قوله تعالى ﴿قالوا سلاما٢ فقال سلام﴾ وقوله تعالى ﴿فما لبث أن جاء٣ بعجل حنيذ﴾ أي لم يبطأ حتى جاء بعجل٤ مشوي فحنيذ بمعنى محنوذ وهو المشوي على الحجارة. فقربه إليهم وعرض عليهم الأكل بقوله ﴿ألا تأكلون٥﴾ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه أي لم يتناولوه نكرهم بمعنى أنكرهم وأوجس منهم خيفة لأن العادة أن الضيف إذا نزل على أحد فقدم إليه طعاماً فلم يأكل عرف أنه ينوي شراً ولما رأت الملائكة ذلك منه قالوا له لا تخف وبينوا له سبب مجيئهم فقالوا إنا أرسلنا إلى قوم لوط أي لإهلاكهم وتدميرهم بسبب إجرامهم. وكانت امرأته قائمة وراء الستار تخدمهم مع إبراهيم. فلما سمعت بنبأ هلاك قوم لوط ضحكت فرحاً بهلاك أهل الخبث فعندئذ بشرها الله تعالى على لسان الملائكة بإسحق ومن بعده يعقوب أي بولد وولد ولد، فلما سمعت البشرى صكت وجهها تعجباً على عادة النساء وقالت ﴿ياويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي﴾ تشير إلى زوجها إبراهيم ﴿شيخا﴾ أي كبير السن إذ كان سنه يومئذ مائة سنة وسنها فوق التسعين. ﴿إن هذا لشيء عجيب﴾ أي ولادتي في هذه السن أمر يتعجب منه. قالوا أتعجبين من أمر٦ الله ﴿رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت﴾ أي بيت إبراهيم، ﴿إنه حميد مجيد﴾ أي محمود بإفضاله وإنعامه عليكم ﴿مجيد﴾ أي ذو مجد وثناء وكرم. وامرأة إبراهيم المبشرة هي سارة بنت عم إبراهيم عليه السلام، والبشارة هنا لإبراهيم ﴿إنه حميد مجيد﴾ أي محمود بإِفضاله وإنعامه عليكم ﴿مجيد﴾ أي ذو مجد وثناء وكرم. وامرأة ابراهيم المبشرة هي سارة بنت عم إبراهيم عليه السلام، والبشارة هنا لإبراهيم، وزوجه سارة معاً وهي مزدوجة إذ هي بهلاك الظالمين، وبإسحاق ويعقوب.
٢ سلاماً نصب بوقوع فعل قالوا نحو قال فلان خيراً ويجوز عربيّة الرفع والنصب في قوله تعالى ﴿قالوا سلاماً قال سلام﴾، والرفع يكون على تقدير مبتدأ أي هو سلام، وسلام عليكم وجاز الابتداء بالنكرة لكثرة تكرار هذا اللفظ نظيره لا هم حيث حذفوا الألف واللام لكثرة استعمال اللهم.
٣ إن هنا بمعنى حتى قاله كبراء النحو أي فما لبث حتى جاءهم.
٤ في الآية دليل على فضل الضيافة ومشروعيتها والندب إليها إذ هي من خلق البشر وفي الحديث، "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه والضيافة ثلاثة أيام".
٥ ذكر الطبري رحمه الله تعالى أن إبراهيم عليه السلام لما قدم العجل وقال للملائكة ألا تأكلون! قالوا لا نأكل طعاماً إلا بثمن قال كلوه بثمنه قالوا وما ثمنه؟ قال أن تسموا الله في أوله وتحمدوه في آخره فقال جبريل لأصحابه حق للرجل أن يتخذه ربّه خليلا.
٦ من أمر الله أي قضائه وقدره.