وكأنهم لاحظوا عدم ثقة أبيهم فيهم فقالوا له ﴿ما لك لا تأمنا١ على يوسف وإنا له لناصحون﴾ أي محبون له كل خير مشفقون عليه أن يمسه أدنى سوء. ﴿أرسله معنا غداً يرتع ويلعب﴾ أي يرتع في البادية يأكل الفواكه ويشرب الألبان ويأكل اللحوم ويلعب بما نلعب به من السباق والمناضلة، والمصارعة، ﴿وإنا له لحافظون﴾ من كل ما قد يضره أو يُسيءُ إليه. فأجابهم عليه السلام قائلاً ﴿إني ليحزنني٢ أن تذهبوا به﴾ أي إنه ليوقعني في الحزن وآلامه ذهابكم به. ﴿وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون﴾ في رتعكم ولعبكم. فأجابوه قائلين والله ﴿لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون﴾ أي لا خير في وجودنا ما دمنا نُغلب على أخينا فيأكله الذئب بيننا. ومع الأسف فقد اقنعوا بهذا الحديث والدهم وغداً سيذهبون بيوسف لتنفيذ مؤامرتهم الدنية.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير قاعدة: لا حذر مع القدر أي لا حذر ينفع٣ في ردّ المقدور.
٢- صدق المؤمن يحمله على تصديق من يحلف له ويؤكد كلامه.
٣- جواز الحزن وأنه لا إثم فيه وفي الحديث "وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
٤- أكل الذئب٤ للإنسان إن أصاب منه غفلة واقع وكثير أيضاً.
فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَآ إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ (١٥) وَجَاؤُواْ أَبَاهُمْ عِشَاء يَبْكُونَ (١٦) قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ
٢ أي يشق على مفارقته مدة ذهابكم له وذلك لفرط محبته له لما يتوسم فيه من الخير العظيم وشمائل النبوة ومخائل الكمال.
٣ وينفع في ما لم يقدر بإذن الله تعالى.
٤ الذنب مأخوذ من تذاءبت الريح إذا جاءت من كل وجه والذئب مهموز لأنه يجيء من كل وجه. وقرأ ورش عن نافع الذيب بدون همز لأن الهمزة ساكنة وقبلهما كسرة فحذفت تخفيفاً.