ضللت١ إذاً وما أنا من المهتدين إلى سبل الفوز والفلاح. وقل: ﴿إني على بينة من ربي﴾ أي على علم يقيني من وجوب الإيمان بالله ووجوب توحيده وطاعته ووجوب الدعوة إلى ذلك، وكذبتم أنتم بهذا كله وبالعذاب إذ أنذرتكم به وأنا ما عندي ما تستعجلون به من العذاب، ولو كان عندي لحل بكم وانتهى أمركم، ولكن الحكم لله ليس لأحد غيره وقد قص عليكم أخبار السابقين المطالبين٢ رسلهم بالعذاب ورأيتم كيف حل بهم العذاب، ﴿والله يقص٣ الحق وهو خير الفاصلين﴾ فإذا أراد أن يحكم بيني وبينكم فإنه نعم الحكم والعدل وهو خير الحاكمين. وقل لهم يا رسولنا ﴿لو أن عندي ما تستعجلون به﴾ من العذاب ﴿لقضي الأمر بيني وبينكم﴾ بتدمير الظالم منا، ﴿والله أعلم بالظالمين﴾، ولا يهلك غيرهم لأنهم المستوجبون للعذاب بظلمهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- وجوب الرفق والتلطف بالمستفتين وعدم الشدة والغلظة عليهم.
٢- إتباع أهواء أهل الأهواء والباطل يضل ويهلك.
٣- على المسلم الداعي إلى ربه أن يكون على علم كاف بالله تعالى وبتوحيده ووعده ووعيده وأحكام شرعه.
٤- وجوب الصبر والتحمل مما يلقاه الداعي من أهل الزيغ والضلال من الاقتراحات الفاسدة.
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ (٥٩)

١ قرئ ﴿ضلَلِت﴾ بفتح اللام وكسرها، وهما لغتان، فضلِلت: بكسر اللام لغة تميم، والفتح لغة الحجاز، وهي أفصح.
٢ إذ أكثر أمم الوصل قالوا لرسلهم فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين قالتها عاد لنبيها هود وقالها قوم نوح لنوح عليه السلام.
٣ أي: يقص القصص الحق، قال القرطبي بهذا استدل من منع المجاز في القرآن، وقرئ نقض بالضاد من القضاء ويدل عليه قوله بعد: ﴿وهو خير الفاصلين﴾ الفصل: القضاء والحكم.


الصفحة التالية
Icon