ولكن ذكرى: أي موعظة لهم.
وذر الذين: أي اترك الكافرين.
لعبأ ولهوا: كونه لعباً لأنه لا يجنون منه فائدة قط، وكونه لهواً لأنهم يتلهون به وشغلهم عن الدين الحق الذي يكملهم ويسعدهم.
أن تبسل نفس: أي تسلم فتؤخذ فتحبس في جهنم.
كل عدل: العدل هنا: الفداء.
أبسلو: حبسوا في جنهم بما كسبوا من الشرك والمعاصي.
من حميم: الحميم الماء الشديد الحرارة الذي لا يطاق.
وعذاب أليم: أي شديد الألم والإيجاع وهو عذاب النار.
معنى الآيات:
ما زال السياق في الحديث مع أولئك العادلين المكذبين في! قول الله تعالى لرسوله ﴿وإذا رأيت١ الذين يخوضون في آياتنا﴾ يستهزئون بالآيات القرآنية ويسخرون مما دلت عليه من التوحيد والعذاب للكافرين ﴿فأعرض عنهم﴾ أي فصد عنهم وانصرف ﴿حتى يخوضوا في حديث غيره﴾ وإن أنساك الشيطان نهينا هذا فجلست ثم ذكرت فقم ولا تقعد مع القوم الظالمين، وقوله تعالى: ﴿وما على الذين يتقون من حسابهم من شيء﴾ أي وليس على المؤمنين المتقين أنت وأصحابك يا رسولنا من تبعة ولا مسئولية ولكن إذا خاضوا في الباطل فقوموا ليكون ذلك ذكرى لهم فيكفون عن الخوض في آيات الله تعالى. وهذا كان بمكة قبل قوة الإسلام، ونزل بالمدينة النهي عن الجلوس مع الكافرين والمنافقين إذا خاضوا في آيات الله ومن جلس معهم يكون مثلهم وهو أمر عظيم قال تعالى: ﴿وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم﴾ هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية.

١ الخطاب للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه وأمته داخلة معه في هذا فمتى حصل لمؤمن أو مؤمنة مثل هذا تعيّن عليه أن يقوم احتجاجا وعدم رضا، وفي الآية دليل على أنّ مجالسة أهل الكبائر لا تجوز لاسيما في حال تلبسهم بالكبيرة، وهذه أقوال السلف في هذه المسألة قال ابن خويز منداد: من خاض في آيات الله تركت مجالسته وهجر مؤمنا كان أو كافراً قال القرطبي: منع أصحابنا الدخول على أرض العدو ودخول كنائسهم ومجالسة الكفار وأهل البدع وألا تعتقد مودّتهم ولا يسمع كلامهم ولا مناظرتهم. قال الفضيل بن عياض من أحبّ صاحب بدعة أحبط الله عمله وأخرج نور الإيمان من قلبه.


الصفحة التالية
Icon