عباده كذلك كاملة غير ناقصة وكانت المجموعة الأولى داود وسليمان ومن ذكر بعدهما الصفة الغالبة عليهم الإحسان لأنه كان فيهم ملك وسلطان ودولة، والمجموعة الثانية وهي زكريا ويحيى وعيسى وإلياس الصفة الغالية عليهم الصلاح لأنهم كانوا أهل زهد في الدنيا وأعراضها، والمجموعة الثالثة والأخيرة في الآية الثالثة (٨٦) وهم إسماعيل واليسع ويونس ولوط لم يغلب عليهم وصف مما وصف به المجموعتان الأولى والثانية، لأنهم وسط بين المجموعتين، فذكر تعالى أن كل واحد منهم فضله على عالمي زمانه، وكفى بذلك شرفاً وكرماً وخيراً. وأما الآية الأخيرة (٨٧) فإن الله تعالى يقول فيها، ومن آباء المذكورين من الأنبياء ومن ذرياتهم١ وإخوانهم هديناهم أيضاً وإن لم نذكر أسماءهم فهم كثير هديناهم إلى ما هدينا إليه آباءهم من الحق والدين الخالص الذي لا شائبة شرك فيه، واجتبينا٢ الجميع اخترناهم للنبوة والرسالة٣ ﴿وهديناهم إلى صراط مستقيم﴾ وهو الدين الإسلامي.
هداية الآيات
هن هداية الآيات:
١- سعة فضل الله.
٢ خير ما يعطى المرء في هذه الحياة الهداية إلى صراط مستقيم.
٣- فضيلة كل من الإحسان والصلاح.
٤- لا منافاة بين الملك والنبوة أو الإمارة والصلاح.
٥- فضيلة الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة.
ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ

١ من للتبعيض أي هدى بعض أبنائهم وبعض ذرياتهم ولم يهد كل أب وكل ولد.
٢ الاجتباء مشتق من جبيت الماء في الحوض جمعته فالاجتباء اختيار الشخص وضمه إلى خاصتك من الناس، والجبا مقصور مصدر جبيت الماء والجابية الحوض.
٣ ذكر تعالى في هذه الآيات ثمانية عشر رسولاً وبقى سبعة ذكروا في سورٍ أخرى وهم إدريس وهود وصالح وشعيب وذو الكفل وآدم عليهم السلام وقد نظمهم البعض في ثلاثة أبيات من الشعر هي:
حتم على كل ذي التكليف معرفة بأنبياء على التفصيل قد عرفوا
في تلك حجتنا منهم ثمانية من بعد عشر ويبقى سبعة وهم
إدريس هود شعيب صالح وكذا...
ذو الكفل آدم بالمختار قد ختموا


الصفحة التالية
Icon