﴿لآية﴾ أي علامةً واضحةً على وجود الله وقدرته وعلمه وحكمته ورحمته وهي مقتضية لعبادته وترك عبادة غيره. ولكن ﴿لقوم يتفكرون﴾ فيتعظون. أما اشباه البهائم الذين لا يفكرون في شيء فلا يجدون آية ولا شبة آية في الكون كله وهم يعيشون فيه. وقوله تعالى: ﴿وسخر لكم الليل والنهار﴾ الليل للسكون الراحة، والنهار للعمل ابتغاء الرزق وتسخيرهما كونهما موجودين باستمرار لا يفترقان أبداً إلى أن يأذن الله بانتهائهما وقوله: ﴿والشمس والقمر﴾ أي سخرهما كذلك للانتفاع بضوء الشمس وحرارتها، وضوء القمر لمعرفة عدد السنين والحساب، وقوله: ﴿والنجوم مسخرات١ بأمره﴾ كذلك ومن فوائد النجوم الاهتداء بها في ظلمات البر والبحر وكونها زينة وجمالاً للسماء التي هي سقف دارنا هذه.. وقوله ﴿إن في ذلك﴾ المذكور من تسخير الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم ﴿لآيات﴾ عدة يستدل بها على الخالق وعلى وجوب عبادته وعلى توحيده فيها، ولكن ﴿لقومٍ يعقلون﴾ أي الذين يستخدمون طاقة عقولهم في فهم الأشياء وإدراك أسرارها وحقائقها أما أشباه البهائم والمجانين الذين لا يفكرون ولا يتعقلون ولا يعقلون، فليس لهم في الكون كله آية واحدة يستدلون بها على ربهم ورحمته بهم وواجب شكره عليهم وقوله تعالى: ﴿وما٢ ذرأ لكم في الأرض﴾ أي وما خلق لكم في الأرض من إنسان وحيوان ونبات ﴿مختلفاً ألوانه﴾ ٣ وخصائصه وشيانه ومنافعه وآثاره ﴿إن في ذلك﴾ الخلق العجيب ﴿لآية﴾ أي في دلالة واضحة على وجود الخالق عز وجل ووجوب عبادته وترك عبادة غيره ولكن ﴿لقوم يذكرون﴾ فيتعظون فينتبهون إلى ربهم فيعبدونه وحده بامتثال أمره واجتناب نهيه فيكملون على ذلك ويسعدون في الحياتين.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- كون الخيل٤ والبغال والحمير خلقت للركوب والزينة لا ينفي منفعة أخرى فيها وهي أكل
٢ الذرء: الخلق بالتناسل والتولّد بالحمل والتفريخ فليس الإنبات فقط.
٣ المخلوقات قسمان: قسم منها مسخر مذلل كالدواب والأنعام والأشجار، وقسم غير مذلل ولا مسخر، وشاهد هذا: قول كعب الأحبار: لولا كلمات أقولهن لجعلتني يهود حماراً فقيل له وما هن؟ قال: أعوذ بكلمات الله التامة التي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر، وبأسماء الله الحسنى كلها ما علمت منها وما لم أعلم من شرّ ما خلق وذرأ وبرأ.
٤ ما في الآية: ﴿والخيل والبغال والحمير﴾ ما يدلى على وجوب الزكاة فيها، وفي الحديث الصحيح: "ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة" رواه مالك.