قبول الحق والإذعان له. وقوله تعالى: ﴿لا جرم١ أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه لا يحب المستكبرين٢﴾ أي حقاً ان الله يعلم ما يسر أولئك المكذبون بالآخرة وما يعلنون وسيحصى ذلك عليهم ويجزيهم به لا محالة في يوم كانوا به يكذبون.. ويا للحسرة ويا للندامة!! وهذا الجزاء كان بعذاب النار متسبب عن بغض الله للمستكبرين وعدم حبه لهم، وقوله تعالى: ﴿وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين٣﴾ يخبر تعالى عن أولئك المنكرة قلوبهم للوحي الإلهي وما جاء به رسول الله هؤلاء المستكبرون كانوا إذا سئلوا عن القرآن من قبل من يريد أن يعرف ممن سمع بالدعوة المحمدية فجاء من بلاد يتعرف عليها قالوا: ﴿أساطير الأولين٤﴾ أخبار كاذبة عن الأولين مسطره عند الناس فهو يحكيها ويقول بها، وبذلك يصرفون عن الإسلام ويصدون عن سبيل الله، قال تعالى: ﴿ليحملوا أوزارهم﴾ أي تبعة آثامهم وتبعة آثام من صدوهم عن سبيل الله كاملة غير منقوصة يوم القيامة، وهم لا يعلمون ذلك ولكن الحقيقة هي: ان من دعا إلى ضلالة كان عليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزار من عملها شيء، وكذا من دعا إلى٥ هدى فله أجر من عمل به من غير أن ينقص من أجر العامل به شيء. وقوله تعالى: ﴿ألا ساء ما يزرون﴾ أي قُبح الوزر الذي يزرونه فإنه قائدهم إلى النار موبقهم في نار جهنم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- بطلان الشرك وتقرير التوحيد.
٢- التكذيب باليوم الآخر والبعث والجزاء هو سبب كل شر وفساد يأتيه العبد.

١ ﴿لا جرم﴾ : كلمة تحقيق ولا تكون إلا جواباً، يقال: فعلوا كذا وكذا فيجاب بكلمة لا جرم أنهم سيندمون.
٢ أي: فهو لا يثيبهم ولا يثني عليهم خيراً، وفي الحديث الصحيح: "إن المستكبرين يحشرون أمثال الذر يوم القيامة يطؤهم الناس بأقدامهم لتكبّرهم". قالت العلماء: كل ذنب يمكن التستر منه وإخفاؤه إلا الكبر، وهو أصل العصيان كله.
٣ قيل: إن الآية نزلت في النضر بن الحارث وهو القائل: أساطير الأولين. والآية تشمله وغيره ممن قال ويقول هذه الكلمات الكاذبة الباطلة.
٤ الأساطير: الأباطيل، والترهات، و ﴿أساطير الأولين﴾ : خبر والمبتدأ الذي أنزله أي: الذي أنزله أساطير الأوّلين.
٥ وفي الصحيح شاهد هذا فقد روى مسلم أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: "من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".


الصفحة التالية
Icon