لنبوئنهم في الدنيا حسنة: أي لننزلنهم داراً حسنة هي المدينة النبوية هذا بالنسبة لمن نزلت فيهم الآية.
الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون: أي على أذى المشركين وهاجروا متوكلين على ربهم في دار هجرتهم.
فاسألوا أهل الذكر: أي أيها الشاكوّن فيما جاء به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاسألوا أهل التوراة والإنجيل لإزالة شككم ووقوفكم على الحقيقة وأن ما جاء به محمد حق وأن الرسل قبله كلهم كانوا بشراً مثله.
بالبينات والزبر: أي أرسلناهم بشراً بالبينات والزبر١ لهداية الناس.
وأنزلنا إليك الذكر: أي القرآن.
لتبين للناس ما نزل إليهم: علة لإنزال الذكر إذ وظيفة الرسل، البيان.
معنى الآيات:
إنه بعد اشتداد الأذى على المؤمنين لعناد المشركين وطغيانهم، أذن الله تعالى على لسان رسوله للمؤمنين بالهجرة من مكة إلى الحبشة ثم إلى المدينة فهاجر رجال ونساء فذكر تعالى ثناء عليهم وتشجيعاً على الهجرة من دار الكفر فقال عز وجل ﴿والذين هاجروا٢ في الله﴾ أي في ذات الله ومن أجل عبادة الله ونصرة دينه ﴿من بعد ما ظلموا﴾ أي من قبل المشركين ﴿لنبوئنهم﴾ أي لننزلهم ولنسكننهم ﴿في الدنيا حسنة﴾ وهي المدينة النبوية ولنرزقنهم فيها رزقاً حسناً هذا بالنسبة لمن نزلت٣ فيهم الآية، وإلا فكل من هاجر في الله ينجز له الرب هذا الوعد كما قال تعالى: ﴿ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيرا وسعة﴾ أي في العيش والرزق ﴿ولأجر الآخرة﴾ المعد لمن هاجر في سيبل
٢ أي: تركوا الوطن، والأهل، والقرابة كما تركوا السيئات. ومعنى: في الله أي: لأجل الله إذ بدار الكفر لا يتمكنون من عباده الله تعالى فإذا هاجروا تمكنوا فكانت هجرتهم إذا لله أي لعبادته التي خلقهم من أجلها.
٣ قيل: نزلت الآية في صهيب وبلال وعمار، وخبّاب إذ عذّبهم المشركون أشد العذاب حتى هاجروا، ويدخل في هذا أيضاً أبو جندل وغيره.