وعبادتها، وتكفرون بالمنعم ونعمه ولذا استحقوا التوبيخ والتقريع فقال تعالى: ﴿أفبالباطل١ يؤمنون وبنعمة الله هم يكفرون﴾ ؟ إذ عدم عبادتهم للمنعم عز وجل هو عين كفرانهم بنعمة الله تعالى. وقوله ﴿ويعبدون من دون الله﴾ أي أصناماً لا تملك لهم ﴿رزقاً من السماء﴾ بإنزال المطر، ﴿والأرض﴾ بإنبات الزروع والثمار شيئاً ولو قَلَّ ولا يستطيعون شيئاً من ذلك لعجزهم القائم بهم لأنهم تماثيل منحوتة من حجر أو خشب وفي هذا من التنبيه لهم على خطأهم مالا يقادر قدره. وقوله تعالى: ﴿فلا تضربوا لله الأمثال إن٢ الله٣ يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ أي ينهاهم تعالى عن ضرب الأمثال لله باتخاذ الأصنام آلهة بإطلاق لفظ إله عليها، والله لا مثل له، وباعتقاد أنها شافعة لهم عند الله وأنها تقربهم إليه تعالى، وأنها واسطة بمثابة الوزير للأمير إلى غير ذلك، فنهاهم عن ضرب هذه الأمثال لله تعالى لأنه عز وجل يعلم أنه لا مثل له ولا مثال، بل هو الله الذي لا إله إلا هو تعالى عن الشبيه والمثيل والنظير، وهم لا يعلمون فلذا هم متحيرون متخبطون في ظلمات الشرك وأودية الضلال.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- قطع دابر الشرك في المثل الذي حوته الآية الأولى: ﴿والله فضل بعضكم على بعضٍ في الرزق﴾.
٢- وجوب شكر الله تعالى على نعمه وذلك بذكره وشكره وإخلاص ذلك له.
٣- قبح كفر النعم وتجاهل المنعم بترك شكره عليها.
٤- التنديد بمن يضربون لله الأمثال وهم لا يعلمون باتخاذ وسائط له تشبيهاً لله تعالى بعباده فهم يتوسطون بالأولياء والأنبياء بدعائهم والاستغاثة بهم بوصفهم مقربين إلى الله تعالى يستجيب لهم، ولا يستجيب لغيرهم.
٢ الأمثال: جمع مثل بفتحتين بمعنى المماثل كشبه بمعنى مشابه، ومعنى. ضربهم الأمثال لله تعالى: هو أنهم أثبتوا للأصنام صفات الإلهية وشبّهوها بالخالق عز وجل حيث عبدوها بالنذر لها وبالذبح والدعاء والإقسام بها والعكوف حولها.
٣ جملة: ﴿إنّ الله يعلم وأنتم لا تعلمون﴾ تعليلية لنهيهم عن ضرب الأمثال لله تعالى. فنهيه تعالى لهم عن ضرب الأمثال لعلمه عزّ وجلّ أنه لا مثل له، وأن ما يضربونه له باطل، وهو تعالى منزّه عنه.