وقوله تعالى: ﴿عسى ربكم أن١ نرحمكم﴾ فهذا خير عظيم لهم لو طلبوه بصدق لفازوا به ولكنهم أعرضوا عنه وعاشوا على التمرد على الشرع والعصيان لله ورسله. وقوله وإن عدتم عدنا أي وإن عدتم إلى الفسق والفجور عدنا بتسليط من نشاء من عبادنا فأنجزهم الله تعالى ما وعدهم فسلط عليهم رسوله محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمؤمنين فأجلى بني قينقاع وبني النضير من المدينة وقتل بني قريضة كما سلط عليهم ملوك أروبا فطاردوهم وساموهم الخسف وأذاقوهم سؤ العذاب في قرون طويلة وقوله تعالى: ﴿وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً٢﴾ أي إن كان عذاب الدنيا بالتسلط على الظالمين وسلبهم حريتهم وإذاقتهم عذاب القتل والأسر والتشريد فإن عذاب الآخرة هو الحبس والسجن في جهنم تكون حصيراً للكافرين لا يخرجون منها للكافرين أي الذين يكفرون شرائع الله ونعمه عليهم بتعطيل الأحكام وتضييع الفرائض وإهمال السنن والانغماس في الملاذ والشهوات.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- صدق وعد الله تعالى.
٢- تقرير نبوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ مثل هذه الأنباء لا يقصها إلا نبي يوحى إليه.
٣- تقرير قاعدة ﴿من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها﴾.
٤- وجوب الرجاء في الله وهو انتظار الفرج والخير منه وإن طال الزمن.
٥- قد يجمع الله تعالى للكافرين بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة، وكذا الفاسقون من المؤمنين.
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (٩) وأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (١٠) وَيَدْعُ الإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الإِنسَانُ عَجُولاً (١١)
٢ الحصير المكان الذي يحصر فيه فلا يستطاع الخروج منه ففعيل (حصير) إمَّا أن يكون بمعنى فاعل أي: حاصر أو بمعنى مفعول أي: محصور فيه، وفسّر في التفسير بالسجن وهو كذلك إذ السجن يحصر مَنْ فيه فلا يقدر على الخروج منه.