أو تركه إلاّ بإقدار الله تعالى له وإعانته عليه قال هذا المؤمن نصحاً للكافر وتوبيخاً له. ثم قال له١ ﴿إن ترن أنا أقل منك مالاً وولداً﴾ اليوم ﴿فعسى٢ ربي﴾ أي فرجائي في الله ﴿أن يؤتيني خيراً من جنتك ويرسل عليها﴾ أي على جنة الكافر ﴿حسبانا٣ من السماء﴾ أي عذاباً ترمى به. ﴿فتصبح صعيداً زلقاً﴾ ؟ أي تراباً أملس لا ينبت زرعاً ولا يثبت عليه قدم. ﴿أو يصبح ماؤها غوراً﴾ الذي تسقى به غائراً في أعماق الأرض فلن تقدر على إستخراجه مرة أخرى، وهو معنى ﴿فلن تستطيع له طلباً﴾.
وقوله تعالى: في الآيات (٤٠)، (٤١)، (٤٢) يخبر تعالى أن رجاء المؤمن قد تحقق إذ قد أحيط فعلاً ببستان الكافر فهلك بكل ما فيه من ثمر ﴿فأصبح يقلب كفيه﴾ ندماً وتحسراً ﴿على ما أنفق فيها﴾ من جهد ومال في جنته ﴿وهي خاوية على عروشها﴾ أي ساقطة على أعمدة الكرم التي كان يعرشها للكرم أي يحمله عليها كما سقطت جدران مبانيها على سقوفها وهو يتحسر ويتندم ويقول: ﴿يا ليتني لم أشرك بربي أحداً، ولم تكن له﴾ جماعة قوية تنصره ﴿من دون الله وما كان﴾ المنهزم ﴿منتصراً﴾ لأن من خذله الله لا ناصر له. قال تعالى: في نهاية المثل الذي هو أشبه بقصة ﴿هنالك﴾ أي يوم القيامة ﴿الولاية﴾ أي القوة والملك والسلطان ﴿لله﴾ أي المعبود ﴿الحق﴾ لا لغيره من الأصنام والأحجار ﴿هو﴾ تعالى ﴿خير ثواباً﴾ أي خير من يثيب على الإيمان والعمل الصالح. ﴿وخير عقباً٤﴾ أي خير من يعقب أي يجزي بحسن العواقب
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١ بيان مآل المؤمنين كصهيب وسلمان وبلال، وهو الجنّة ومآل الكافرين كأبي جهل وعقبة بن أبي معيط وهو النار.
٢- استحباب قول من أعجبه شيء: ﴿ما شاء الله، لا قوة إلاّ بالله﴾ فإنه لا يرى فيه مكروهاً إن شاء الله.

١ أنا: ضمير فصل وأقل مفعول ثانٍ لترن وحذفت ياء التكلم بعد نون الوقاية تخففاً.
(عسى) للرجاء وهو طلب الأمر القريب الحصول وأراد به هنا الدعاء لنفسه وعلى صاحبه الكافر المشرك.
٣ الحسبان: مصدر كالغفران وهو هنا وصف لمحذوف تقديره: هلاكاً حسباناً أي: مقدراً من الله تعالى، وقيل هو اسم جمع حسبانة أي: صاعقة، وقيل: اسم للجراد وهو محتمل لكل ما ذكر.
٤ العقب: بمعنى العاقبة وقرىء: بضمتين عُقُب وقرىء بضم العين وسكون القات بمعنى: عاقبة وهي آخرة الأمر وما يرجوه المرء من سعيه وعمله ولذا فسرت الآية بهو خير عاقبة لمن رجاه وآمن به، يقال: هذا عاقبة أمر فلان وعقباه وعقبه: أي آخره.


الصفحة التالية
Icon