من المحراب١: المصلى الذي يصلى فيه وهو المسجد.
فأوحى إليهم: أومأ إليهم وأشار عليهم.
وآتيناه الحكم صبيا: الحكم والحكمة بمعنى واحد وهما الفقه في الدين ومعرفة أسرار الشرع.
وحناناً من لدنا: أي عطفاً على الناس موهوباً له من عندنا.
وزكاة: أي طهارة من الذنوب والآثام.
جباراً عصياً: أي متعالياً لا يقبل الحق عصياً لا يطيع أمر الله عز وجل وأمر والديه.
وسلام عليه: أي أمان له من الشيطان أن يمسه بسوء يوم يولد، وأمان له من فتاني القبر يوم يموت، وأمان له من الفزع الأكبر يوم يبعث حياً.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر رحمة الله عبده زكريا إنه لما بشره ربه تعالى بيحيى قال: ما أخبر به تعالى عنه في قوله: ﴿قال رب أنى يكون لي غلام وكانت امرأتي عاقراً وقد بلغت من الكبر عتيا ٢﴾ أي من أي وجه وجهة يأتيني الولد أمن إمرأة غير امرأتي، أم منها ولكن تهبني قوة على مباضعتها٣ وتجعل رحمها قادرة على العلوق٤، لأني كما تعلم يا ربي قد بلغت من الكبر حداً بس فيه عظمي ومفاصلي وهو العتى كما أن امرأتي عاقر لا يولد لها. فأجابه الرب تبارك وتعالى بما في قوله عز وجل: ﴿قال كذلك﴾ أي الأمر كما قلت يا زكريا، ولكن ﴿قال ربك هو على هين﴾ أي إعطاؤك الولد على ما أنت عليه من الضعف والكبر وامرأتك من العقر سهل يسير لا صعوبة فيه ويدلك على ذلك أني ﴿قد خلقتك من٥ قبل ولم تك شيئاً﴾، فكما قدر ربك على خلقك ولم تك شيئاً فهو قادر على هبتك الولد على ضعفك وعقر امرأتك وهنا طالب زكريا ربه بأن يجعل له علامة تدله على وقت حمل امرأته بالولد فقال ما أخبر به تعالى في قوله: ﴿قال رب اجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاث ليال سوياً﴾ فأعطاه تعالى علامة على وقت حمل امرأته بالولد وهي أنه يصبح يوم بداية الحمل لا يقدر على الكلام

١ المحراب: مكان مرتفع، ومن هنا كره مالك أن يصلي الإمام في مكان أرفع من المكان الذي يصلي فيه الناس وراءه خشية الكبر عليه، والكبر من كبائر الذنوب ولم يكره أحمد رحمه الله تعالى.
٢ قرأ نافع (عُتيا) بضم أوله كما: بُكيَّا وصليَّا، وبكسرها قرأ حفص، والعتي: هو قحول العظم ويبوسته.
٣ أي: جماعها من إدخال البضع في البضع.
٤ أي: علوق النطفة في الرحم.
٥ أي: فخلق الولد كخلقك.


الصفحة التالية
Icon