بشراً سوياً: أي تام الخلق حتى لا تفزع ولا تروع منه.
إن كنت تقياً: أي عاملاً بإيمانك وتقواك لله فابتعد عنى ولا تؤذني.
غلاماً زكياً: ولداً طاهراً لم يتلوث بذنب قط.
ولم يمسسني بشر: أي لم أتزوج.
ولم أك بغيّاً: أي زانية.
قال كذلك: أي الأمر كذلك وهو خلق غلام منك من غير أب.
هو على هين: ما هو إلاّ أن ينفخ رسولنا في كم درعك حتى يكون الولد.
ولنجعله آية للناس: أي على عظيم قدرتنا.
ورحمة منا: أي وليكون الولد رحمة بمن آمن به واتبع ما جاء به.
أمراً مفضياً: أي حكم الله به وفرغ منه فهو كائن حتماً لا محالة.
معنى الآيات:.
هذه بداية قصة مريم عليها السلام إذ قال تعالى لرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿واذكر في الكتاب﴾ أي القرآن الكريم ﴿مريم﴾ أي نبأها وخبرها ليكون ذلك دليلاً على نبوتك وصدقك في رسالتك وقوله ﴿إذ انتبذت﴾ أي اعتزلت ﴿من أهلها﴾ هذا بداية القصة وقوله ﴿مكاناً شرقياً﴾ أي موضعاً شرقي دار قومها وشرق المسجد، ولذا اتخذ النصارى المشرق قبلة لهم في صلاتهم ولا حجة لهم في ذلك إلاّ الابتداع وإلاّ فقبلة كل مصلي لله الكعبة بيت الله الحرام قوله تعالى: ﴿فاتخذت من دونهم﴾ أي من دون أهلها ﴿حجاباً﴾ ساتراً لها عن أعينهم١، ولما فعلت ذلك أرسل الله تعالى إليها جبريل في صورة بشر سوي الخلقة معتد لها، فدخل عليها فقالت ما قص الله تعالى في كتابه ﴿إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا﴾ أي أحتمي بالرحمن الذي يرحم الضعيفات مثلي إن كنت مؤمناً تقياً فاذهب عني ولا تروعني أو تمسني بسوء. فقال لها جبريل عليه السلام ما أخبر تعالى به وهو ﴿قال إنما أنا رسول ربك لأهب٢ لك غلاماً زكياً﴾ أي طاهراً لا يتلوث بذنب قط. فأجابت بما أخبر تعالى عنها في قوله: {أنى يكون لي

١ قيل: استترت عن أهلها لتغتسل من حيضتها وتمتشط، وذلك لكمال حيائها.
٢ قرأ ورش عن نافع: (ليهب) بالياء بغير همزة، وقرأ غيره: (لأهب) بالهمزة فعلى قراءة نافع المعنى: أرسلني ليهب لك، وعلى قراءة غيره أرسلني يقول لك أرسلت رسولي إليك لأهب لك.


الصفحة التالية
Icon