فردوا عليها مستخفين بها منكرين عليها متعجبين منها: ﴿كيف نكلم من كان١ في المهد صبيا؟﴾ فأنطق الله عيسى الرضيع فأجابهم بما أخبر تعالى عنه في قوله: ﴿قال إني عبد٢ الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً وجعلني مباركاً أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً وبراً٣ بوالدتي ولم يجعلني جباراً شقياً﴾ ٤ فأجابهم بكل ما كتب الله وأنطقه به، وكان عيسى كما أخبر عن نفسه لم ينقص من ذلك شيئاً كان عبداً لله وأنزل عليه الإنجيل ونبأه وأرسله إلى بني إسرائيل وكان مباركاً يشفي المرضى ويحيي الموتى بإذن الله تنال البركة من صحبته وخدمته والإيمان به وبمحبته وكان مقيماً للصلاة مؤدياً للزكاة طوال حياته وما كان ظالماً ولا متكبراً عاتياً ولا جباراً عصياً. فعليه كما أخبر السلام أي الأمان التام يوم ولد فلم يقربه شيطان ويوم يموت فلا يفتن في قبره ويوم يبعث حياً فلا يحزنه الفزع الأكبر، ويكون من الآمنين السعداء في دار السلام.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير نبوة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعبودية عيسى ونبوته عليهما السلام.
٢- آية نطق عيسى في المهد وإخباره بما أولاه الله من الكمالات.
٣- وجوب بر الوالدين بالإحسان بهما وطاعتهما والمعروف وكف الأذى عنهما.
٤- التنديد بالتعالى والكبر والظلم والشقاوة التي هي التمرد والعصيان.
ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (٣٤) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (٣٥) وَإِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ
٢ قيل: لما سمع كلامهم ترك الرضاعة وأقبل عليهم بوجهه وقال مشيراً بسبابته اليمنى: ﴿إني عبد الله﴾ فكان أول ما نطق به الاعتراف بعبوديته لله تعالى، وفي هذا ردّ على الذين ألّهوه وعبدوه من دون الله تعالى.
٣ البر: بمعنى البار وخص بهذه الصفة لأن قومهم قل فيهم البرور بالوالدين وكثر فيهم العقوق نظراً إلى فشو الباطل فيهم ورقة حبل الدين بينهم، والجبّار: المتكبر على الناس الغليظ في معاملتهم، والشقي ضدّ السعيد.
٤ لما قال ما قال في المهد: إني عبد الله.. إلى قوله: ﴿ويوم أبعث حيًّا﴾ لم يتكلم حتى بلغ سن التكلم.