وكذلك أنزلناه حكماً عربياً: أي بلسان العرب لتحكم به بينهم.
لكل أجل كتاب: أي لكل مدة كتاب كتبت فيه المدة المحددة.
يمحو الله ما يشاء: أي يمحو من الأحكام وغيرها ويثبت ما يشاء فما محاه هو المنسوخ وما أبقاه هو المحكم.
معنى الآيات:
ما زال السياق في تقرير أصول العقيدة: التوحيد والنبوة والبعث والجزاء، فقوله تعالى: ﴿والذين آتيناهم الكتاب﴾ كعبد الله بن١ سلام يفرحون بما أنزل إليك وهو القرآن وفي هذا تقرير للوحي وإثبات له، وقوله: ﴿ومن الأحزاب﴾ ككفار أهل الكتاب٢ والمشركين ﴿من ينكر بعضه﴾ فاليهود أنكروا أغلب ما في القرآن من الأحكام ولم يصدقوا إلا بالقصص، والمشركون أنكروا "الرحمن" وقالوا لا رحمن إلا رحمان اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب عليه لعائن الله، وقوله تعالى: ﴿قل إنما أمرت أن أعبد الله ولا أشرك به﴾ أي أمرني ربي أن أعبده ولا أشرك به، إليه تعالى أدعو الناس أي إلى الإيمان به وإلى توحيده وطاعته، ﴿وإليه مآب٣﴾ أي رجوعي وإيابي وفي هذا تقرير للتوحيد، وقوله تعالى: ﴿وكذلك أنزلناه حكماً عربياً٤﴾ أي وكهذا الإنزال للقرآن أنزلناه بلسان العرب لتحكم بينهم به، وفي هذا تقرير للوحي الإلهي والنبوة المحمدية، وقوله: ﴿ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم﴾ بأن وافقتهم على مللهم وباطلهم في اعتقاداتهم، وحاشا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يفعل وإنما الخطاب من باب.. إياك أعني واسمعي يا جارة.. ﴿مالك من الله من ولي ولا واق﴾ أي ليس لك من دون الله من ولي يتولى أمر نصرك وحفظك، ولا واق يقيك عذاب الله إذا أراده بك لإتباعك أهل الباطل٥ وتركك الحق وأهله، وقوله تعالى: ﴿ولقد أرسلنا

١ اللفظ عام والمراد به الخصوص، ويدخل فيه أصحاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهم يفرحون بنزول القرآن قاله قتادة. وهو كما قال فقد كانوا يفرحون بكل ما ينزل من وحي.
٢ لفظ أهل الكتاب يشمل اليهود والنصارى معاً، لفظ البعض عام في القلة والكثرة ولذا فاليهود كالنصارى كالمشركين كالمجوس ينكرون من القرآن ما يتعارض مع معتقداتهم الباطلة ولا ينكرون ما لا يتعارض معها.
٣ أي: أرجع في أموري كلها إليه دون غيره، وفي هذا معنى الاعتماد على الله والتوكل عليه في الأمر كله.
٤ {حكماً عربياً﴾ : حالان من أنزلناه، وقيل: المراد من ﴿حكما﴾ الحكمة كقوله: ﴿وآتيناه الحكم صبيا﴾ أي: الحكمة، فالقرآن يحوي الحكم المعبر عنها بالعربية وكونه من الحكم أولى لأنّه يحكم به في الأمور كلها.
٥ في الآية إنذار وتحذير عظيمان لمن يترك أوامر الله تعالى أو يغشى محارمه موافقة لأهل الباطل طلباً لرضاهم أو خوفاً من غضبهم.


الصفحة التالية
Icon