﴿أخرى١﴾ كحمل الزاد والماء يعلقه بها ويضعه على عاتقه كعادة الرعاة وقد يقتل بها الهوام الضارة كالعقرب والحية. فقال له ربه عز وجل ﴿ألقها يا موسى فألقاها﴾ من يده ﴿فإذا هي حية تسعى٢﴾ أي ثعبان عظيم تمشي على بطنها كالثعبان الصغير المسمى بالجان فخاف موسى منها وولى هارباً فقال له الرب تعالى: ﴿خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى٣﴾ أي نعيدها عصا كما كانت قبل تحولها إلى حية وفعلا أخذها فإذا هي عصاه التي كانت بيمينه. ثم أمره تعالى بقوله: ﴿واضمم يدك﴾ أي اليمنى ﴿إلى جناحك٤﴾ الأيسر ﴿تحرج بيضاء من غير سوء﴾ أي برص وفعل فضم يده تحت عضده إلى إبطه تم استخرجها فإذا هي تتلألؤ كأنها فلقة قمر، أو كأنها الثلج بياضا أو أشد، وقوله تعالى ﴿آية أخرى﴾ أي آية لك دالة على رسالتك أخرى إذ الأولى هي انقلاب العصا إلى حية تسعى كأنها جان. وقوله تعالى: ﴿لنريك من آياتنا الكبرى﴾ أي حولنا لك العصا حية وجعلنا يدك تخرج بيضاء من أجل أن نريك من دلائل قدرتنا وعظيم سلطاننا. وقوله تعالى: ﴿إذهب إلى فرعون إنه طغى﴾ لما أراه من عجائب قدرته أمره أن يذهب إلى فرعون رسولاً إليه يأمره بعبادة الله وحده وأن يرسل معه بني إسرائيل ليخرج بهم إلى أرض المعاد بالشام وقوله ﴿إنه طغى﴾ أي تجاوز قدره، وتعدى حده كبشر إذ أصبح يدعي الربوبية والألوهية إذ فقال: ﴿أنا ربكم الأعلى﴾ وقال: ﴿ما علمت لكم من إله غيري﴾، فأي طغيان أكبر من هذا الطغيان.
هداية الآيات:
من هداية الآيات:
١- تقرير نبغ الرسول محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ مثل هذه الأخبار لا تصح إلاّ ممن يوحى إليه.
٢- استحباب تناول الأشياء غير المستقذرة باليمين.
٣ - مشروعية حمل العصا٥.

١ أطنب موسى في الجواب طلبا لمزيد الأنس بالوقوف بين يدي ربّه يناجيه ويوحي إليه.
٢ الحية: اسم لصنف من الحنش مسموم إذا عض بنابيه قتل المعضوض.
٣ السيرة في الأصل: هيئة السير ونقلت إلى العادة والطبيعة.
٤ الجناح: العضد وما تحته من الإبط فهو مع اليد كجناح الطائر.
٥ كان خطاء العرب يحملونها في أثناء الخطاب يشيرون بها، وكره هذا الشعوبيون من غير العرب وهم محجوجون بفعل الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وللّعصا فوائد كثيرة آخر فوائدها أنها تذكر بالسفر إلى الآخرة.


الصفحة التالية
Icon