جئت على قدر١: أي جئت للوقت الذي أردنا إرسالك إلى فرعون.
واصطنعتك لنفسي: أي أنعمت عليك بتلك النعم اجتباءً منا لك لتحمل رسالتنا.
معنى الآيات:
ما زال السياق في حديث موسى مع ربه تعالى فقد تقدم أن موسى عليه السلام سأل ربه أموراً لتكون عوناً له على حمل رسالته فأجابه تعالى بقوله: في هذه الآية (٣٦) ﴿قال قد أوتيت سؤلك يا موسى﴾ أي قد أعطيت ما طلبت، ﴿ولقد مننا عليك مرة أخرى﴾ أي قبل هذه الطلبات وهي أنه لما أمر فرعون بذبح أبناء بني إسرائيل٢: ﴿إذ أوحينا٣ إلى أمك أن اقذفيه في التابوت﴾ أي في الصدوق٤ ﴿فاقذفيه في اليم﴾ أي نهر النيل ﴿فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو٥ له﴾ فهذه النجاة نعمة، ونعمة أخرى تضمنها قوله تعالى: ﴿وألقيت عليك محبة مني﴾ أي أضفيت عليك محبتي فأصبح من يراك يحبك، ونعمة أخرى وهي: من أجل أن تُربَّى وتغذى على مرأى مني وإرادة لي أرجعتك بتدبيري إلى أمك لترضعك وتقر عينها ولا تحزن على فراقك، وهو ما تضمنه قوله تعالى: ﴿إذ تمشي أختك٦﴾ فتقول: ﴿هل أدلكم على من يكفله﴾ لكم أي لإرضاعه وتربيته. ﴿فرجعناك إلى أمك كي تقرعينها ولا تحزن﴾، ونعمة أخرى وهي أعظم إنجاؤنا لك من الغم الكبير بعد قتلك النفس وائتمار آل فرعون على قتلك ﴿فنجيناك من الغم﴾ من القتل وغفرنا لك خطيئة القتل. وقوله تعالى: ﴿وفتناك فتوناً﴾ ٧ أي ابتليناك ابتلاءً عظيماً وها هي ذي خلاصته في الأرقام التالية:
١- حمل أمك بك في السنة التي يقتل فيها أطفال بني إسرائيل.
٢- إلقاء أُمك بك في اليم.
٣- تحريم المراضع عليك حتى رجعت إلى أمك.
٤- أخذك بلحية فرعون وهمه بقتلك.
نال الخلافة أو كانت له قدرا
كما أتى موسى ربه على قدر
٢ أوحى الله تعالى إلى أم موسى: ﴿أن اقذفيه..﴾ الآية.
٣ هذا إلهام لها أو منام إذ لم تكن نبيّة إجماعاً.
٤ الساحل: الشاطىء، وهو ساحل معهود وهو الذي يقصده آل فرعون للسباحة. واللام في (فليلقه) لام التكوين الإلهي.
٥ هذا العدو: فرعون عدو الله تعالى وعدو موسى وبني إسرائيل.
٦ أخت موسى تسمى مريم بنت عمران.
٧ الفتون: مصدر كالدخول والخروج وهو كالفتنة، وهي اضطراب حال المرء في مدة حياته.