أي خير ثواباً وجزاء حسناً لمن آمن به وعمل صالحاً، وأبقى عذاباً لمن كفر به وبآمن بغيره وعصاه. هذا ما دلت عليه الآيتان (٧٢) و (٧٣).
أما الآية الثالثة (٧٤) وهي قوله تعالى: ﴿إنه من يأت ربه مجرماً١﴾ أي على نفسه بإفسادها بالشرك والمعاصي ﴿فإن له٢ جهنم لا يموت فيها٣﴾ فيستريح من العذاب فيها، ﴿ولا يحيى﴾ حياة يسعد فيها.
وقولهم ﴿ومن يأته مؤمناً قد عمل الصالحات﴾ أي مؤمناً به كافراً بالطاغوت قد عمل بشرائعه فأدى الفرائض واجتنب المناهي ﴿فأولئك٤ هم﴾ جزاء إيمانهم وعملهم الصالح ﴿الدرجات العلى جنات عدن﴾ أي في جنات عدن ﴿تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها﴾ لا يموتون ولا يخرجون منها، ﴿وذلك جزاء من تزكى﴾ أي تتطهر بالإيمان وصالح الأعمال بعد تخليه عن الشرك والخطايا والذنوب. لا شك أن هذا العلم الذي عليه السحرة كان قد حصل لهم من طريق دعوة موسى وهارون إذ أقاموا بينهم زمناً طويلاً.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- لا يؤثر الكفر على الإيمان والباطل على الحق والخرافة على الدين الصحيح إلاّ أحمق جاهل.
٢- تقرير مبدأ أن عذاب الدنيا يتحمل ويصبر عليه بالنظر إلى عذاب الآخرة.
٣- الإكراه نوعان: ما كان بالضرب الذي لا يطاق يغفر لصاحبه وما كان لمجرد تهديد ومطالبة فإنه لا يغفر إلاّ بالتوبة الصادقة وإكراه السحرة كان من النوع الآخر.
٤- بيان جزاء كل من الكفر والمعاصي، والإيمان والعمل الصالح في الدار الآخرة.

١ المجرم: فاعل الجريمة، وهي المعصية، والفعل الخبيث، والمجرم في اصطلاح القرآن: الكافر غالباً.
٢ اللام في: له جهنم لام الاستحقاق أي: هو صائر إليها لا محالة.
٣ لا يموت فيها ولا يحيى، لأن عذابها متجدد فيها فلا هو ميّت لأنه يحس بالعذاب ولا هو حي لأنه في حالة الموت أهون منها، وهذا كقول عباس بن مرداس:
وقد كنت في الحرب ذا تُدْرَءٍ
فلم أُعط شيئاً ولم أمنع
٤ ﴿فأولئك..﴾ الآية أوتي باسم الإشارة إلى أنهم أحياء بهذا النعيم في جنات ويؤكده قوله ﴿ذلك جزاء من تزكى﴾.


الصفحة التالية
Icon