لعباً وعبثاً بل خلق الإنسان وخلق الحياة ليذكر ويشكر فمن أعرض عن ذكره وترك شكره أذاقه بأساءه في الدنيا والآخرة وهذا ما دلت عليه الآية السابقة وقررته الآية وهي قوله تعالى: ﴿وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين١﴾ أي عابثين لا قصد حسن لنا بل خلقناهما بالحق وهو وجوب عبادتنا بالذكر والشكر لنا وقوله تعالى: ﴿لو أردنا٢ أن نتخذ لهواً﴾ أي صاحبة أو ولدا كما يقول المبطلون من العرب القائلون بأن الله أصهر إلى الجن فأنجب الملائكة وكما يقول ضُلاّلُ النصارى أن الله اتخذ مريم زوجة فولدت له عيسى الابن، تعالى الله عما يأفكون فرد تعالى هذا الباطل بالمعقول من القول فقال لو أردنا أن نتخذ لهواً نتلهى به من صاحبة وولد لأتخذنا من لدنا من الحور العين والملائكة ولكنا لم نرد ذلك ولا ينبغي لنا إنا نملك كل من في السموات ومن في الأرض عبيداً لنا فكيف يعقل اتخاذ مملوك لنا ولداً ومملوكة زوجة والناس العجزة الفقراء لا يجيزون ذلك فالرجل لا يجعل مملوكته زوجة له ولا عبده ولداً بحال من الأحوال وقوله تعالى: ﴿بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه٣ فإذا هو زاهق﴾ فتلك الأباطيل والترهات تنزل حجج القرآن عليها فتدمغها فإذا هي ذاهبة مضمحلة لا يبقى منها شيء ﴿ولكم الويل﴾ أيها الكاذبون مما تصفون الله بالزوجة والولد والشريك والرسول بالسحر والشعر والكهانة والكذب العذاب لازم لكم من أجل كذبكم وافترائكم على ربكم ورسوله. وقوله تعالى: ﴿وله من في السموات والأرض﴾ برهان آخر على بطلان دعوى أن له تعالى زوجة وولداً فالذي يملك من في السموات ومن في الأرض غنى عن الصاحبة والولد إذ الكل له ملكاً وتصرفاً. وقوله: ﴿ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون٤﴾ برهان آخر {يسبحون الليل والنهار ولا
٢ الآية ردّ على افتراءات المبطلين جهلة البشر الذين نسبوا لله تعالى الصاحبة والولد بغير علم من عقل ولا نقل.
٣ الدمغ: شج الرأس حتى تبلغ الشجة الدماغ، والباطل هو الشيطان والحق؟ القرآن، في قول مجاهد إذ قال كل ما في القرآن من الباطل فهو الشيطان.
٤ لا يستحسرون أي: لا يعيون مأخوذ من الحسير وهو البعير المنقطع من الإعياء والتعب يقال: حسر البعير يحسر حسوراً: أعيا وكلّ واستحسر وتحسر مثله.