شرح الكلمات:
كانتا رتقا: أي كتلة واحدة منسدة لا انفتاح فيها.
ففتقناهما: أي جعلنا السماء سبع سموات والأرض سبع أرضين.
رواسي: أي جبالاً ثابتة.
أن تميد بهم:: أي تتحرك فتميل بهم.
فجاجاً سبلاً: أي طرقاً واسعة يسلكونها تصل بهم إلى حيث يريدون.
لعلهم يهتدون: إلى مقاصدهم في أسفارهم.
وهم عن آياتها: من الشمس والقمر والليل والنهار معرضون.
كل في فلك يسبحون: الفلك كل شيء دائر.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في تقرير التوحيد ووجوب تنزيه الله تعالى عن صفات النقص والعجز فقال تعالى: ﴿أو لم١ ير الذين كفروا﴾ أي الكافرون بتوحيد الله وقدرته وعلمه ووجوب عبادته إلى مظاهر قدرته وعلمه وحكمته في هذه المخلوقات العلوية والسفلية فالسموات والأرض كانتا كتلة واحدة من سديم فخلق الله تعالى منها السموات والأرضين كما أن السماء تتفتق بإذنه تعالى عن الأمطار، والأرض تتفتق عن النباتات المختلفة الألوان والروائح والطعوم والمنافع، وأن كل شيء حيّ في هذه الأرض من إنسان وحيوان ونبات هو من الماء أليست هذه كلها دالة على وجود الله ووجوب عبادته وتوحيده فيها؟
فما للناس لا يؤمنون؟ هذا ما دل عليه قوله تعالى في الآية الأولى (٣٠) ﴿أو لم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقا٢ ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون؟﴾ وقوله تعالى: ﴿وجعلنا في الأرض رواسي﴾ أي جبالاً٣ ثواتب كيلا تميد أي
٢ ﴿رتقا﴾ : الرتق: السدّ ضد الفتق، يقال: رتقت الفتق ارتقه فارتتق. أي: التأم، ومنه: امرأة رتقاء أي: منضمة الفرج غير مفتوق، والمراد أن السموات والأرض كانت شيئاً واحداً ملتزقتين ففصل الله بينهما وما في التفسير إشارة إلى ما اختارهُ ابن جرير الطبري وهو: أن السماء كانت رتقا لا تمطر والأرض كانت رتقا لا تنبت، ففتق السماء بالمطر والأرض بالنبات والآية دالة على الوجهين والوجهان صحيحان.
٣ ﴿جعلنا﴾ بمعنى: خلقنا، وهذا اللفظ صالح للدلالة على أنّ كل شيء في هذه المخلوقات من الحيوان والنبات خلق من الماء، والنار: أن حيا ة هذه المخلوفات تحفظ بالماء، وفي الحديث: "كل شيء خلق من الماء". ذكره القرطبي رحمه الله تعالى.