حسب سنته في الإضلال ويهدي من يشاء كذلك ﴿وهو العزيز﴾ الغالب الذي لا يمانع في شيء أراده ﴿الحكيم١﴾ الذي يضع كل شيء في موضعه فلذا هو لا يضل إلا من رغب في الإضلال وتكلف له وأحبه وآثره، وتنكر للهدى وحارب المهتدين والداعين إلى الهدى، وليس من حكمته تعالى أن يضل من يطلب الهدى ويسعى إليه ويلتزم طريقه. ويحبه ويحب أهله، وقوله تعالى: ﴿ولقد أرسلنا موسى﴾ أي موسى نبي بني إسرائيل ﴿بآياتنا﴾ أي بحججنا وأدلتنا الدالة على رسالته والهادية إلى ما يدعو إليه وهي تسع آيات منها اليد والعصى ﴿أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور﴾ ٢ أي أخرج قومك من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ﴿وذكرهم بأيام الله﴾ ٣ أي وقلنا له: ذكرهم بأيام الله وهي بلاؤه ونعمه إذ أنجاهم من عذاب آل فرعون وأنعم عليهم بمثل المن والسلوى، وذلك ليحملهم على الشكر لله بطاعته وطاعة رسوله، وقوله تعالى: ﴿إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور﴾ أي إن في ذلك التذكير بالبلاء والنعماء لدلالات يستدل بها على إفضال الله وإنعامه الموجب للشكر، ولكن الذين يجدون تلك الدلالات في التذكير هم أهل الصبر والشكر بل هم الكثيروا الصبر٤ والشكر، وأما غيرهم فلا يرى في ذلك دلالة ولا علامة.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- إقامة الحجة على المكذبين بالقرآن الكريم، إذ هو مؤلف من الحروف المقطعة مثل آلر وطسم وآلم وحم، ولم يستطيعوا أن يأتوا بمثله بل بسورة مثله.
٢- بيان أن الكفر ظلام والإيمان نور.
٣- بيان الحكمة في إرسال الله تعالى الرسل بلغات أقوامهم.
٢ أن: تفسيرية فسرت الإرسال لأنه فيه معنى القول.
٣ التذكير إزالة نسيان شيء، ويكون بتعليم مجهول كان شأنه أن يعلم، ولما ضمّن التذكير معنى الإنذار والوعظ عدي بالباء أي: ذكرهم تذكير عظة بأيام الله.
٤ الصبر مع البلاء، والشكر مع الرخاء، وخير الناس من إذا ابتلى صبر وإذا أعطي شكر ولا يكون كذلك إلاّ ذو علم وبصيرة.