﴿بل تأتيهم١ بغتة فتبهتهم فلا يستطيعون ردها ولا هم ينظرون﴾ أي أن القيامة لا تأتيهم على علم منهم بوقتها وساعتها فيمكنهم بذلك التوبة، وإنما تأتيهم ﴿بغتة﴾ أي فجأة ﴿فتبهتهم﴾ أي فتحيرهم ﴿فلا يستطيعون ردها، ولا هم ينظرون﴾ أي يمهلون ليتوبوا من الشرك والمعاصي فينجوا من عذاب النار، وقوله تعالى: ﴿ولقد استهزىء برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون﴾ وهو العذاب هذا القول للرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تعزية له وتسلية ليصبر على ما يلاقيه من استهزاء قريش به واستعجالهم العذاب، إذ حصل مثله للرسل قبله فصبروا حتى نزل العذاب بالمستهزئين بالرسل عليهم السلام. وقوله تعالى: ﴿قل من٢ يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن﴾ يأمر تعالى رسوله أن يقول للمطالبين بالعذاب المستعجلين له: ﴿من يكلؤكم بالليل والنهار﴾ أي من يجيركم من الرحمن إن أراد أن يعذبكم، إنه لا أحد يقدر على ذلك إذاً فلم لا تتوبون إليه بالإيمان والتوحيد والطاعة له ولرسوله، وقوله: ﴿بل هم عن ذكر ربهم معرضون﴾ إن علة عدم استجابتهم للحق هي إعراضهم عن القرآن الكريم وتدبر آياته وتفهم معانيه. وقوله: ﴿أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا﴾ ينكر تعالى أن يكون للمشركين آلهة تمنعهم من عذاب الله متى نزل بهم ويقرر أن آلهتهم لا تستطيع نصرهم ﴿ولا٣ هم منا يصحبون﴾ أي وليس هناك من يجيرهم من عذاب الله من آلهتهم ولا من غيرها فلا يقدر أحد على إجارتهم من عذاب الله متى حل بهم.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير أن الساعة لا تأتي إلا بغتة.
٢- تقرير عقيدة البعث والجزاء.
٣- تسلية الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما كان عليه الرسل من قبله وما لا قوه من أُممهم.

١ ﴿بل﴾ : للإضراب الانتقالي من تهويل ما أعدّ لهم إلى التهديد بأن ذلك يحلّ بهم بغتة (أي فجأة).
٢ يكلأكم: أي يحرسكم ويحفظكم إذ الكلاءة: الحفظ والحراسة يقال: كلاه الله كلاءة أي: حفظه وحرسه ومنه قول الشاعر:
إنّ سليمى والله يكلأها
ضنّت بشيء ما كان يرزؤها
والاستفهام في: من يكلأكم: للنفي.
٣ فسر يصحبون بيمنعون، ويجارون قال الشاعر:
ينادي بأعلى صوته متعوذاً
ليصحب منها والرماح دواني


الصفحة التالية
Icon