من آل يعقوب.
رغباً ورهباً: أي طمعاً فينا ورهباً منا أي خوفاً ورجاءاً.
أحصنت فرجها: أي صانته وحفظته من الفاحشة.
من روحنا: أي جبريل حيث نفخ في كم درعها عليها السلام.
آية للعالمين: أي علامة على قدرة الله تعالى ووجوب عبادته بذكره وشكره.
معنى الآيات:
ما زال السياق الكريم في ذكر افضال الله تعالى وإنعامه على من يشاء من عباده فقال تعالى: ﴿وذا النون﴾ أي واذكر ذا النون أي يونس بن متَّى ﴿إذ ذهب مغاضباً١﴾ لربه تعالى حيث لم يصبر على بقائه مع قومه يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته وطاعته وطاعة رسوله فسأل لهم العذاب، ولما تابوا ورفع عنهم العذاب بتوبتهم وعلم بذلك فلم يرجع إليهم فكان هذا منه مغاضبة لربه تعالى وقوله تعالى عنه: ﴿فظن أن لن نقدر عليه﴾ أي ظن يونس عليه السلام أن الله تعالى لا يحبسه في بطن الحوت، لا يضيق عليه وهو حسن ظن منه في ربه سبحانه وتعالى؟ ولكن لمغاضبته ربه بعدم العودة إلى قومه بعد أن رفع عنهم العذاب أصابه ربّه تطهيراً له من أمر المخالفة الخفيفة بأن ألقاه في ظلمات ثلاث، ظلمة الحوت والبحر والليل ثم ألهمه الدعاء الذي به النجاة فكان يسبح في الظلمات الثلاث ﴿لا إله إلاّ أنت سبحانك إني كنت من الظالمين٢﴾ فاستجاب الله تعالى له وهو معنى قوله: ﴿وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلاّ أنت سبحانك إني٣ كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم﴾ الذي أصابه من وجوده في ظلمات محبوساً لا أنيس ولا طعام ولا شراب مع غم نفسه من جراء عدم عودته إلى قومه وقد أنجاهم الله من العذاب. وهو سبب المصيبة، وقوله تعالى:

١ قيل: ﴿مغاضباً لربه﴾ أي: لأجل ربه تعالى حيث عصاه قومه فكان غضبه لله تعالى وهو تأويل حسن إذ يقال: فلان غضب لله. أي: لأجله. وجائز أن يكون مغاضباً لقومه إذ ردوا دعوته ولم يستجيبوا له.
٢ ﴿من الظالمين﴾ حيث ترك مداومة قومه والصبر عليهم أو في الخروج من غير إذن له فنزّه ربّه عن الظلم ونسبه إلى نفسه اعترافاً واستحقاقاً.
٣ روى أبو داود أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال "دعاء ذي النون في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. لم يدع به رجل مسلم في شيء قط إلاّ استجيب له".


الصفحة التالية
Icon