من دخول النار.
وكل فيها خالدون: أي العابدون من الناس والمعبودون من الشياطين والأوثان.
لهم فيها زفير: أي لأهل النار فيها أنين وتنفس شديد وهو الزفير.
سبقت لهم منا الحسنى: أي كتب الله تعالى أزلاً أنهم أهل الجنة.
حسيسها: أي حِسّ صوتها.
لا يحزنهم الفزع الأكبر: أي عند النفخة الثانية نفخة البعث فإنهم يقومون من قبورهم آمنين غير خائفين.
كطي السجل للكتب: أي يطوي الجبار سبحانه وتعالى السماء طيّ الورقة لتدخل في الظرف.
كما بدأنا أول خلق نعيده: أي يعيد الله الخلائق كما بدأهم أول مرة فيبعث الناس من قبورهم حفاة عراة غرلا، كما ولدوا لم ينقص منهم شيء.
معنى الآيات:
يقول تعالى للمشركين الذين بدأت السورة الكريمة بالحديث عنهم، وهم مشركوا قريش يقول لهم مُوعداً: ﴿إنكم وما تعبدون١ من دون الله﴾ من أصنام وأوثان ﴿حصب٢ جهنم﴾ أي ستكونون أنتم وما تعبدون من أصنام وقوداً لجهنم التي أنتم واردوها لا محالة، وقوله تعالى: ﴿لو كان هؤلاء آلهة﴾ لو كان هؤلاء التماثيل من الأحجار التي يعبدها المشركون لو كانوا آلهة حقاً ما ورد النار عابدوها لأنهم يخلصونهم منها ولما ورد النار المشركون ودخلوها دل ذلك على أن آلهتهم كانت آلهة باطلة لا تستحق العبادة بحال. وقوله تعالى: ﴿كل فيها خالدون﴾ أي المعبودات الباطلة وعابدوها الكل في جهنم

١ قوله ﴿ما تعبدون﴾ فيه دليل على وجود العموم في الألفاظ. ، فإن ابن الزبعرى لمَّا نزلت هذه الآية أتت به قريش وقالت له: انظر محمداً شتم آلهتنا، فقال: لو حضرت لرددت عليه، قالوا: وما كنت تقول له؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى واليهود تعبد عزيراً، أفهما من حصب جهنم؟. فعجبت من مقالته ورأوا أن محمداً قد خُصم. فأنزل الله تعالى ﴿إن الذين سبقت لهم منّا الحسنى أولئك عنها مبعدون﴾. فدَّل قوله تعالى وما تعبدون على العموم وخصه الله تعالى بهذه الآية ﴿إن الذين سبقت لهم منَّا الحسنى أولئك عنها مبعدون﴾.
٢ قرأ الجمهور حصب بالصاد، وقرأ علي وعائشة رضي الله عنهما بالطاء أي حطب. والحصب أعَمّ، إذ كل ما هُيجت به النار وأوقدت به فهو حصب.


الصفحة التالية
Icon