بطاعته بامتثال أمره واجتناب نهيه فآمنوا به وبرسوله وأطيعوها في الأمر والنهي وبذلك تقوا أنفسكم من العذاب وقوله: ﴿إن زلزلة الساعة شيء عظيم﴾ فكيف بالعذاب الذي يقع فيها لأهل الكفر والمعاصي، إن زلزلة لها تتم قبل قيامها١ تذهل فيها كل مرضعة عما أرضعت أي تنسى فيها الأم ولدها، ﴿وتضع كل ذات حمل حملها﴾ فتسقط من شدة الفزع لتلك الزلزلة المؤذنة بخراب الكون وفناء العوالم ويرى الناس فيها سكارى أي فاقدين لعقولهم وما هم بسكارى بشرب سكر ﴿ولكن عذاب الله شديد﴾ فخافوه لظهور أماراته ووجود بوادره.
هذا ما دلت عليه الآيتان (١) و (٢) وأما الآية الثالثة فينعى تعالى على النضر بن الحارث وأمثاله ممن يجادلون في الله بغير علم فينسبون لله الولد والبنت ويزعمون أنه ما أرسل محمداً رسولاً، وأنه لا يحيي الموتى بعد فناء الأجسام وتفتتها فقال تعالى: ﴿ومن الناس من يجادل في الله بغير علم﴾ بجلال الله وكماله ولشرائعه وأحكامه وسننه في خلقه، ﴿ويتبع﴾ أي في جداله وما يقوله من الكذب والباطل ﴿كل شيطان مريد﴾ أي متجرد من الحق والخير، ﴿كتب٢ عليه﴾ أي على ذلك الشيطان في قضاء الله أن من تولاه بالطاعة والإتباع فإنه يضله عن الحق ويهديه بذلك إلى عذاب السعير في النار.
هداية الآيات
من هداية الآيات:
١- تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحوالهما وأهوالهما.
٢- حرمة الجدال بالباطل لإدحاض الحق وإبطاله.
٣- حرمة الكلام في ذات الله وصفاته بغير علم من وحي إلهي أو كلام نبوي صحيح.
٤- موالاة الشياطين وأتباعهم يفضى بالموالي المتابع لهم إلى جهنم وعذاب السعير.

١ الذي عليه أكثر أهل التفسير أن هذه الزلزلة تتم بنفخة الفناء بقرينة الحمل والوضع وحديث الترمذي الصحيح دال على أنها بعد البعث، والجمع بينهما: صحيح أولا لا مانع من أن يقع هذا وذاك وهو كذلك والقرآن حمّال الوجوه، فهذا الهول العظيم سيقع حتماً في النفخة الأولى، وفي ساحة فصل القضاء، وأمّا موضوع الحمل والوضع فكائن أيضاً في عرصات القيامة إذ الناس يبعثون على ما ماتوا عليه فالحامل تبعث حاملا والمرضع تبعث ترضع أيضاً.
٢ قال قتادة ومجاهد: من تولى الشيطان فإنه يضله.


الصفحة التالية
Icon